العقد الفريد (1953)/الجزء الأول/كتاب اللؤلؤة في السلطان/بسط المعدلة ورد المظالم
بسط المعدلة وردّ المظالم
إنصاف المأمون أمة من ابنه
الشّيباني قال: حدّثنا محمد بن زكريا عن عباس بن الفضل الهاشمي عن قحطبة بن حميد قال: إني لواقف على رأس المأمون يوما وقد جلس للمظالم، فكان آخر من تقدم إليه- وقد همّ بالقيام- امرأة عليها هيئة السفر، وعليها ثياب رثة، فوقفت بين يديه فقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فنظر المأمون إلى يحيى ابن أكثم، فقال لها يحيى: وعليك السلام يا أمة الله، تكلمي في حاجتك. فقالت:
من العقد الفريد وابر بنى ضياعی بعد منعتها و ظلها وفق منى الأهل والول فأطرق المأمون حينا، ثم رفع رأسه إليها وهو يقول : في دون ما لي وال الصبر و الجاه ، عني وأفرح بنى القلب والكبد هذا أذان صلاة العصر فانصرفي ، وأخضيرى الخمم في اليوم الذي أعد و والمجلس السي إن فضض أو أنا . نسك منه وإلا انجلس الأحد قال : فلما كان يوم الأحد جلس ، فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة ، فقالت : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله و بركاته . فقال : وعليك السلام ، أين الخصم ؟ فقالت : الواقب على رأسك يا أمير المؤمنين . وأومأت إلى العباس أبنه . فقال : يا أحمد بن أبي خالد ، خذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم . فعل کالا مها يعلو كلام العباس ، فقال لها أحمد بن أبي خالد : يا أمة الله ، إنك بين يدي أمير المؤمنين ، وإنك تكلمين الأمير ، فأخفضى من صوتك. فقال المأمون : دعها يا أحمد، فإن الحق أنطقها وأخره . ثم قضى لحارة ضيعها إليها، وظلم العباس بظلمه لها ، وأمر بالكتاب لها إلى العامل الذي به ادها أن يوفر لها ضيعتها ويحسن معاونتها، وأمر لها بنفقة ) . العتبي قال : إني لتقاعد عند قاضي هشام بن عبد الملك إذ أقبل إبراهيم بن محمد الحكم على هشام ابن الحتة وصاحب درس هشام ، حتى قعدا بين يديه ، فقال : إن أمير المؤمنين جراني" في خصومة بينه و بين إبراهيم . فقال القاضي : شاهديك على الجراية . قال أتراني قلت على أمير المؤمنين ما لم يقل ، وليس بيني وبينه إلا هذه الترة ؟ قال : بلى ، ولكنه لا يثبت الحتي لك ولا عليك إلا بينة. قال : فقام الحرمی فدخل إلى هشام فأخبره ، فلم تلبث أن قدمعت الأبواب وخرج الخرسي فقال : هذا أمير المؤمنين . وخرج هشام ، فلما نظر إليه القاضي قام ، فأشار إليه وبسط ۱۵ ۳۰ (1) الإيغار : إسقاط الخراج . (۲) انظر نهاية الأرب (۲۷۹:6) . (3) جراني جراية ، بالفتح والكسر : وكانی . الجزء الاول TY ۵ الحجاج و سالیان ان عملی له مصلى ، فقعد عليه وإبراهيم بين يديه ، وكنا حيث نس مع بعض كلامهم ويخفي عنا بعضه . قال : فكلها وأحنا البينة . فتضى القاضي على هشام . فتكلم إبراهيم بكلمة فيها بعض الخرق ، فقال : الحمد لله الذي أبان الناس ظلمك . فقال له هشام : لقد هممت أن أضربك ضربة ينتثر منها لحراك عن عظماء . قال : أما والله لئن فعلت لتفعلنه بشيخ كبير السن قریب القرابة واجب الحق . فقال هشام : آسترها على ! قال : لا تر الله على إذا ذني يوم القيامة إن سها . قال : فإني معطيك عليها مائة ألنه ، قال إبراهيم : فيترجمها عليه حياته ثمنا لما أخذ منه ، وأذعتها بعد مماته زينة له. قال : وورد على الحجاج بن یومن علي بن شلة ، فقال : أصلح الله الأمير ، أعني سمعك ، واغضض عني بصرك ، واكني عني غربك ؛ فإن سمیت خطأ أو زللا فدوتك والعقوبة . قال : قل ، فقال : عشی عاص من غرض العشيرة ؛ فاق على اسمي " وهدم منزلى ، وحرمت عطاني . قال : هيهات ! أو ما سمعت قول الشاعر جانيك من يجني عليك و و علی الصباح مبارك الجرب و رب مأخوذ بذب عشيره و وبما ألفارف صاحب الأب قال : أصلح الله الأمير ، إني سمت الله عز وجل قال غير هذا . قال : وما ذاك؟ قال : قال الله تعالى : ( يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فذ أحد تا مكانه تا ترا من المحسنين ، قال تعاد الله أن أخي الأمن و جا ماعنا عنده إنا إذا أظالمون ) . فقال الحجاج : على بايزيد بن أبي مسلم . فثل بين يديه ، اسمه ، و اكلك له بعطائه ، و آن به منزله ، ومن مناديا بنادی : صدق الله وكذب الشاعر .
وقال معاوية: إني لأستحي أن أظلم من لا يجد عليّ ناصرا إلا الله.
لعمر بن عبد العزيز يوصي عاملا
- وكتب إلى عمر بن عبد العزيز بعض عماله يستأذنه في تحصين مدينته. فكتب
إليه: حصّنها بالعدل ونقّ طرقها من الظلم.
للمهدي يوصي ابن أبي الجهم
وقال المهدي للربيع بن أبي الجهم – وهو والي أرض فارس: يا ربيع، آثر الحق، والزم القصد، وابسط العدل، وارفق بالرعية، واعلم أن أعدل الناس من أنصف من نفسه «2» ، وأجورهم من ظلم الناس لغيره.
بين ابن عامر وابن أصبغ
وقال ابن أبي الزناد: عن هشام بن عروة قال: استعمل ابن عامر عمرو بن أصبغ على الأهواز، فلما عزله قال له: ما جئت به؟ قال له ما معي إلا مائة درهم وأثواب. قال: كيف ذلك؟ قال: أرسلتني إلى بلد أهله رجلان: رجل مسلم له ما لي وعليه ما عليّ، ورجل له ذمة الله ورسوله، فو الله ما دريت أين أضع يدي. قال: فأعطاه عشرين ألفا. وقال جعفر بن يحيى: الخراج عمود الملك، وما استغزر بمثل العدل، ولا استنزر بمثل الظلم.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الظلم ظلمات يوم القيامة».