الخصائص/باب في الحمل على أحسن الأقبحين
اعلم أن هذا موضع من مواضع الضرورة المميلة. وذلك أن تحضرك الحال ضرورتين لا بد من ارتكاب إحداهما فينبغي حينئذ أن تتحمل الأمر على أقربهما وأقلهما فحشاً.
وذلك كواو "ورنتل" أنت فيها بين ضرورتين: إحداهما أن تدعي كونها اصلاً في ذوات الأربعة غير مكررة والواو لا توج في ذوات الأربعة إلا مع التكرير نحو الوصوصة والوحوحة وضوضيت وقوقيت. والآخر أن تجعلها زائدة أولاً والواو لا تزاد أولاً. فإذا كان كذلك كان أن تجعلها أصلاً أولى من أن تجعلها زائدة وذلك أن الواو قد تكون أصلاً في ذوات الأربعة على وجه من الوجوه أعني في حال التضعيف. فأما أن تزاد أولاً فإن هذا أمر لم يوجد على حال. فإذا كان كذلك رفضته ولم تحمل الكلمة عليه.
ومثل ذلك قولك: فيها قائماً رجل. لما كنت بين أن ترفع قائماً فتقدم الصفة على الموصوف -وهذا لا يكون- وبين أن تنصب الحال من النكرة -وهذا على قلته جائز- حملت المسئلة على الحال فنصبت. وكذلك ما قام إلا زيداً أحد عدلت إلى النصب لأنك إن رفعت لم تجد قبله ما تبدله منه وإن نصبت دخلت تحت تقديم المستثنى على ما استثني منه.
وهذا وإن كان ليس في قوة تأخيره عنه فقد جاء على كل حال. فاعرف ذلك أصلاً في العربية تحمل عليه غيره.