انتقل إلى المحتوى

الخصائص/باب في الاحتجاج بقول المخالف

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


الاحتجاج بقول المخالف
باب في الاحتجاج بقول المخالف

اعلم أن هذا -على ما في ظاهره- صحيح ومستقيم. وذلك أن ينبغ من أصحابه نابغ فينشيء خلافاً ما على أهل مذهبه فإذا سمع خصمه به وأجلب عليه قال: هذا لا يقول به أحد من الفريقين فيخرجه مخرج التقبيح له والتشنيع عليه.

وذلك كإنكار أبي العباس جواز تقديم خبر ليس عليها فأحد ما يحتج به عليه أن يقال له: إجازة هذا مذهب سيبويه وأبي الحسن وكافة أصحابنا والكوفيون أيضاً معنا. فإذا كانت إجازة ذلك مذهباً للكافة من البلدين وجب عليك - يا أبا العباس- أن تنفر عن خلافه وتستوحش منه ولا تأنس بأول خاطر يبدو لك فيه.

ولعمري إن هذا ليس بموضع قطع على الخصم إلا أن فيه تشنيعاً عليه وإهابة به إلى تركه وإضافة لعذره في استمراره عليه وتهالكه فيه من غير إحكامه وإنعام الفحص عنه. وإنما لم يكن فيه قطع لأن للإنسان أن يرتجل من المذاهب ما يدعو إليه القياس ما لم يلو بنص أو ينتهك حرمة شرع. فقس على ما ترى فإنني إنما أضع من كل شيء مثالاً موجزاً.