انتقل إلى المحتوى

الحمد لله جل الله من خالق

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

الحمدُ للهِ جلَّ اللهُ منْ خالقٍ

​الحمدُ للهِ جلَّ اللهُ منْ خالقٍ​ المؤلف محيي الدين بن عربي


الحمدُ للهِ جلَّ اللهُ منْ خالقٍ
وهوَ العليمُ بنا الفاتِقُ الراتقْ
قدْ ضمَّ شملي بهِ إذْ كنتُ في عدمٍ
لا علمَ عندي بمخلوقٍ ولا خالقْ
حتى إذا برزتْ بالكونِ أعيننا
علمت بالكونِ قطعاً أنه الخالق
وأنهُ واحدٌ لا شريكَ لهُ
إلا القبولُ فأنى فيهِ بالصادقْ
والله لو علموا ما قلته سجدوا
لكلِّ ذي نظرٍ في علمهِ فائقْ
سرابٌ مجلاه في إنسان ناظرهم
ماء يموِّجه أنواره غارق
سرابُ أحبابه على اختلافهمُ
في الحب فيه شرابٌ صفوهُ رائق
شِربٌ إذا نادموه في مجالسهم
بما تلاهُ عليهمْ كلهم ناطقْ
لا ينظرون إلى غير فيحجبهم
ويحذرون لديه فجأة الغاسق
وكلهم في جمالِ اللهِ حينَ بدا
للناظرين إليه الهائمُ العاشق
لو حققوا ما رأوه لم يروه سوى
لهمْ ولكنهمْ أعماهمُ الطارقْ
وكادهم فنفوا عنه نفوسهمُ
وهكذا جاءَهم في سورةِ الطارقْ
إنَّ الذي فلق الإصباح قال لنا
بأنه للنوى والحبِّ بالفالق
أين الصباحُ وأين الحب فاعتبروا
فشمسُ إعلامه في شرقه شارق
إنَّ الصباحُ من أجلِ العينِ أبرزهُ
والحبُّ للروحِ فانظر حالةَ الفارقْ
فالحبُّ أشرفُ منْ عينِ الصباحِ فكنْ
بما أتيتَ به لفهمك الواثق
لذاكَ قدمهُ على الصباحِ فإنْ
تعدلْ بهِ فلقاً فلستَ بالصادقْ
إنَّ الصباحَ قديمٌ للنوى وكذا
للحبِّ وهو لهذا الهائم الرامق
روحٌ تولدَ عن حبٍّ تولدَ عنْ
نورٍ تولدَ عنْ عنايةِ الرازقْ
الله يخلفه والله يخلفه
لذا هوَ الدهرُ من أسمائِهِ الفائق
إنْ لم أكن سابقا في كلِّ ما نطقتْ
به التراجمُ كنت المقتفي اللاحق
إني لأقذفُ بالحقِّ المبينِ على
ما كانَ منْ باطلٍ ليمسي الزاهقْ