التيجان في ملوك حمير/ملك لقمان بن عاد
ملك لقمان بن عاد
قال وهب فلما مات شداد بن عاد صار الامر الى اخيه لقمان بن عاد وكان اعطى الله لقمان ما لم يعط غيره من الناس في زمانه اعطاه حاسة١ مائة رجل وكان طويلا لا يقاربه اهل زمانه*
قال وهب– قال ابن عباس كان لقمان بن عاد بن الملطاط بن السكسك بن وائل بن حمير نبيا غير مرسل*
قال أبو محمد لقيت عامة من العلماء يقولون أن لقمان وذا القرنين ودانيال أنبياء غير مرسلين وعامة يقولون عباد صالحين والله أعلم بذلك*
قال وهب لقمان بن عاد هو الذي سمته حمير الرايش لأنه كان٢ متواضعاً لله لم يكن متوجاً* قال وهب وكان لقمان بن عاد يدعو قبل كل صلاة ويقول *
فنودي قد أجيبت دعوتك وأعطيت سؤالك ولا سبيل إلى الخلود واختر إن شئت بقاء سبع بقرات عفر في جبل وعر ولا يمسهن ذغر وان شئت بقاء سبع نوايات من تمر - مستودعات في صخر لا يمسهن ندى ولا قطر وإن شئت بقاء سبعة انسر كلما هلك نسر عقب بعده نسر قال فكان ذلك إنه اختار سبعة انسر*
قال وهب فيذكر إنه عاش ألفي سنة وأربعمائة سنة وهو صاحب لبد*
قال وهب وكان لقمان يأخذ فرخ النسر من وكره فيربيه حتى يموت وهو يطير مع النسور ويرجع إليه*
قال وهب وأعطى لقمان سؤله وأخوه شداد في ملكه وعاش معه دهراً طويلاً وهو يدعو إلى الله، فلما مات شداد صار إليه الأمر فكان الناس يأتونه من أقاصي الأرض وأدانيها*
قال وهب وإن عاد الأصغر بن قحطان كانوا أهل غدر ومكر وختر لا يأمن فيهم ابن السبيل ولا يطمئن فيهم جار ولا ينزل فيهم غريب ولا يثق بهم معاهد وكان فيهم قبيل يقال لهم بنو كركر بن عاد بن قحطان فعاشوا بأقصى اليمن فحاربهم جميع قبائل عاد وأعانهم عليهم وناصرهم بنو غنم بن قحطان وبنو غانم بن قحطان وبنو ظالم بن قحطان فغلبوا بني كركر فلما رأى بنو كركر بن عاد ما صاروا إليه من الذل بعد العز ومن الضر والجهد بعد النعمة شكوا ضر ما نزل بهم إلى سيدهم وصاحب أمرهم السميدع بن زهير فقال لهم يا بني كركر كنتم أهل غدر ومكر لا يثق بكم قريب ولا بعيد ولا يأمنكم بغيض ولا حبيب أقرضتم الدهر قرضاً فرده إليكم فلم ترضوه قالوا له قد علمنا أنا فتحنا على أنفسنا بابا الموت فدلنا على باب الحياة قال لهم أما ها هنا فلا ولكن سيروا بنا إلى هذا الملك الحميري لقمان بن عاد فإن عنده رشداً وسداداً وصلاحاً للعباد يدعو إلى الله وإلى أبواب البر ومن دعا إلى الله أمن من الأذية واطمأن من لجأ إليه وطاب له وجه أمره ورضي عاقبته قالوا له لك الأمر فخذ بنا حيث شئت قال لهم يا بني كركر قدمتوني إلى أمر جليل وإن الله لا يرضى من أفعالكم شيئاً وأنه رأى ما فعلتموه منكراً فغيره وأنشأ يقول
ورحل بهم إلى لقمان بن عاد وقال*
فسار بهم السميدع إلى لقمان وإن لقمان عرض عليهم الإيمان فآمنوا كلهم فأنزلهم أرض العالية وتزوج منهم امرأة وهي سوداء بنت أمامة - وكانت جميلة - وكان لقمان غيوراً فأخذها فجعلها في كهف عظيم في رأس صخرة عالية لا يطيق أحد يطلع إليها إلا هو لطوله وتمامه وكان يعبد الله في ذلك الكهف وكان له عيد يصلي بالناس فيه كل عام بالرجال والنساء فصلى ببني كركر وقد اجتمع النساء والرجال فبصر هميسع بن السميدع بن زهر إلى امرأة لقمان فهويها فقال (معشر عاد والله إن لم تحتالوا لي حيلة أدرك فيها سوداء امرأة لقمان لأقتلن لقمان ثم تأتي على آخركم حمير) وكان جسوراً فتاكاً وعلموا أنهم إن لم يفعلوا ذلك يفعل ما قال فاجمع أمر بني كركر على أن يحتالوا كيف يجمعون بينهما ولا يعلم لقمان فقال رجل منهم يقال له عامر بن مالك أسأتم الجوار ونقضتم العهد فما أشبه أول أمركم بآخره لا أمان بعد مكر ولا عذر بعد غدر ولا نقض بعد أصر أطعتم غوياً عاهراً وعصيتم ناهياً آمراً أطعتم شيطانكم فكأني بكم وقد رمتكم العرب عن قوس واحدة فأحسن لقمان جواركم فكيف تخونونه في حريمه فلم يلتفتوا إلى ما قال ومضوا فيما هم فيه من الحرام فقال عامر
دماركم فاقتلوه فقتلوه ثم إنهم أتوا لقمان فقالوا له إنا خشينا الحرب فيما بيننا ولكن إن رأيت أن تحبس سلاحنا عندك في هذا الكهف فإن تنازعنا لم يكن لنا سلاح نسفك به دماً ولا نقطع به رحماً قال افعلوا فأخذوا السلاح فجعلوا في وسطه الهمسيع بن السميدع وستروه به من كل جانب وأعطوه لقمان فطلع به الكهف فلما خرج لقمان تكلم همسيع إلى سوداء امرأة لقمان وقال لها أنا همسيع بن السميدع وأخرجته ونال منها وأطعمته وسقته ثم ردته في السلاح فلم تزل تعمل معه إلى أن رقد معها على سرير لقمان ثم تنخم ورمى النخامة إلى سمك الكهف وقد التصقت النخامة في سمك الكهف ثم ان لقمان أتى وقد أعيا فألقى بنفسه على سريره ثم رمى بصره إلى سمك الكهف فرأى النخامة فقال لامرأته من بصق هذه البصقة قالت أنا قال ابصقي فبصقت فلم تدرك ثم قالت له أنا جالسة حين بصقتها قال لها اجلسي فجلست فبصقت فلم تدرك قالت له واقفة كنت قال لها قفي فوقفت وبصقت فلم تدرك فقال لها من السلاح أتيت - ثم بادر إلى السلاح ففتحه واستخرج همسيع فدعا بحمير فقال لهم ما رأيكم في بني كركر قالوا له يا لقمان انف بني كركر بن عاد من أرض حمير فإنهم أهل غدر ومكر لا يزرعون فينا إلا الغدر ويحملونا الأحقاد ويورثونا الضغائن فقال لقمان لعاد اخرجوا من جواري ثم طلع على الجبل وشد سوداء امرأته مع همسيع في السلاح الذي كان همسيع فيه ثم رماهما من أعلى الجبل ثم رماهما بالحجر ثم رماهما جميع من كان معه فأول من رجم في الحد حد الزنا لقمان فقتلهما، ثم أخرج بني كركر من جواره فقالوا له يا لقمان إن أنت لم تشيعنا نتخطف في الأرض فسار معهم لقمان ليمنعهم من قبائل حمير فبينما هو يسير إذ سمع رجلاً يقول لامرأة منهم يا رجيم٤ أين زوجك قالت له يرعى غنمه وهذا عشي النهار وهو وقت إيابه إلينا ولكن خذ ما تريد قبل أن يأتيك فزنى بها ولقمان يسمعهما ويراهما فهما كذلك إذ سمعت ثغاء الشاء فقالت له هذه غنمنا قال لها خذي لي حيلة فأخذته فأدخلته تابوتاً لها وأقفلت عليه ثم أتى زوجها إلى حيه ثم أنهم رحلوا ليلاً فقالت له إن حيلتي وجميع شأني في هذا التابوت فأحمله فحمله قال وساروا ومعهم لقمان فهم يسيرون اذ ضيق البول على الذي في التابوت فبال فلما سال على رأس زوجها قال لها ما هذا الذي سال على رأسي من هذا التابوت قال له في التابوت اداوة الماء – قال لها – إنه مالح ورمى التابوت عن رأسه فانكسر وثار الرجل هارباً يسعى في سند الجبل فثار في أثره زوج المرأة فأدركه وأخذه وجاء يدفعه يريد به لقمان وتعاوره من كان معه حتى أتى به لقمان فقال يا لقمان إن هذا من شأنه كذا وكذا فلما أصبح أمرهم لقمان بالنزول ونزلوا ثم قال – جيئوني بالرجل المأخوذ وبالمرأة فأتي بهما فأنكرا قول الرجل فقال لهما لقمان قد رأيتكما وسمعت كلامكما وعلمت كل ما فعلتما قال له بنو كركر الأمر لك يا لقمان احكم فيهما – قال لهم حملوها ما حملت زوجها فأخذ الرجل فحمله في التابوت وشده بالحبال على رأسها ثم قال لهم دعوها تجول حتى تموت ويموت فلم تزل تجول به حتى ماتت ومات على رأسها وان رجلاً أتى لقمان قال له يا لقمان إن سارقاً يأتي رحلي فيدخل يده في خرق الخيمة ويسرق ما أصابت يده من الخيمة فقال له لقمان – احرسهحتى إذا أدخل يده وسرق فخذ يده واقطعها ففعل ذلك الرجل وإن السارق آتاه كما كان يفعل أول مرة فقطع رب الخيمة يده وذلك أن أول من حكم بالقطع في السرقة لقمان*
قال وهب وإن لقمان اخرج بني كركر بن عاد من أرض حمير وردهم إلى قومهم عاد بن قحطان*
قال وهب ورجع لقمان إلى مأرب ومعه لبد نسره الآخر وهو أطول النسور عمراً*
قال أبو محمد عبد الملك بن هشام حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال كان عمر لقمان بن عاد أربعة آلاف عام عاشت ستة انسر كل نسر خمس مائة عام وذلك ثلاثة آلاف عام وعاش لبد وكان آخرها ألف عام*
قال وهب فلما كان اليوم الذي أصبح فيه لقمان مشرفاً على الموت فأراد أن ينهض فضربت عروق ظهره ولم يكن قبل ذلك يشتكي شيئاً منها فقال*
ثم نظر إلى لبد وقد تطايرت النسور ورام يطير فلم يطق فقال له
فلم يطق أن ينهض، ثم قال يا لبد صحبتني فصحبتك وكذبتني فكذبتك ثم عاد لقمان فأخذ لبداً فرمى به ليعلو ويطير فسقط وتطاير ريشه فقال*
يشير إلى الحرث بن ذي شدد فلما أيقن بالموت قال يا قوم دعوني من سير الجبارين واسلكوا بي سبيل الصالحين احفروا لي ضريحاً واروني ترباً وحصباً ولا تجعلوني للناظرين نصباً ومات لقمان ودفن بالأحقاف إلى جوار قبر هود النبي عليه السلام٥
وقد ذكر لقمان والنسور كثير من الشعراء فقال تيم اللات بعده شعرا
قال النابغة يصف لبداً
وقال لبيد بن ربيعة فذكر لقمان وقصته ولبداً وقصته
وقال الأعشى في ذلك أيضاً*
قال وهب كان بنو كركر بن عاد بن قحطان أصابهم قحط فسار لقمان إلى بيت مكة وسار معه قيل بن الكثير١٠ بن عنتر العادي يستسقيان ويدعوان الله تعالى فكان يسأل لقمان العمر وقيل يسأل القطر فأجيبت دعوة لقمان ولم تقبل دعوة قيل الا انه رأى في المنام كأن آتيا اتاه فقال له يا قيل انك ضيف الله في البلد الحرام قصدت الله وجاورت بيته فلك قرى الدعاء وقد استسقيت لقوم الله عليهم غضبان ولكن اذهب الى الموضع الذي تدعو الله فيه فانك تصيب فيه كأسا فاشرب به كأسا من زمزم اجابة لدعائك فانك لن تصم ولن تعمى و لن تسقط لك سن ولا ضرس بعـده حتى تلقى الله فلما افاق سار الى الموضع فاصاب به كأسا فاخذه وسار به الى زمزم فشرب به كأسا كما امره فما اعتل بعده بعلة في جارحة حتى مات *
- ↑ ل– قوة*
- ↑ في الاصل ـ الرأس إلا أنه *
- ↑ زيادة في ب – سبز و ابنا الارض بلا ار تياد - لكم بني عمر على المنادي بالمقضبات الصقل الحداد - سيروا وعز وبلاد الهادي - خليل ر ب بادی السداد *
- ↑ الاصل رخيم*
- ↑ من هنا الى قال وهب مزيد من ل –
- ↑ كذا في الاصل *
- ↑ في الاصل عزم
- ↑ هكذا في الاصل
- ↑ هكذا في الأصل أيضا
- ↑ ل– بن بكير *