البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/صفة الدجال
[ص:208]
قد تقدم في الأحاديث أنه أعور، وأنه أزهر هجان فيلماني، وهو كثير الشعر، وفي بعض الأحاديث أنه قصير أفحج. وفي حديث أنه طويل، وجاء أن ما بين أذني حماره أربعون ذراعا، كما تقدم في حديث جابر، ويروى في حديث آخر: سبعون باعا. ولا يصح، وفي الأول نظر.
وقال عبدان في كتاب « معرفة الصحابة »: روى سفيان الثوري، عن عبد الملك بن ميسرة، عن حوط العبدي، عن ابن مسعود، قال: أذن حمار الدجال تظل سبعين ألفا.
قال شيخنا الحافظ الذهبي: حوط مجهول، والخبر منكر.
وإن بين عينيه مكتوب كافر، يقرؤه كل مؤمن، وإن رأسه من ورائه كأنه أصلة - أي حية - لعله طويل الرأس.
وقال حنبل بن إسحاق: حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: دخلت المسجد، فإذا الناس قد تكابوا على رجل، فسمعته يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن بعدي الكذاب المضل، وإن رأسه من [ص:209] ورائه حبك حبك». وقد تقدم له شاهد من وجه آخر، ومعنى حبك أي: جعد خشن، كقوله: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ [الذاريات: 7].
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا المسعودي وأبو النضر، حدثنا المسعودي، المعنى، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «خرجت إليكم، وقد بينت لي ليلة القدر، ومسيح الضلالة. فكان تلاح بين رجلين بسدة المسجد، فأتيتهما; لأحجز بينهما، فأنسيتهما، وسأشدو لكم منهما شدوا، أما ليلة القدر فالتمسوها في العشر الأواخر وترا، وأما مسيح الضلالة، فإنه أعور العين، أجلى الجبهة، عريض النحر، فيه دفا، كأنه قطن بن عبد العزى». قال: يا رسول الله، هل يضرني شبهه؟ قال: «لا. أنت امرؤ مسلم، وهو امرؤ كافر». تفرد به أحمد; وإسناده حسن.
وقال الطبراني: حدثنا أبو شعيب الحراني، حدثنا إسحاق بن موسى (ح)، وحدثنا محمد بن شعيب الأصبهاني، حدثنا سعيد بن عنبسة قالا: حدثنا [ص:210] سعيد بن محمد الثقفي، حدثنا حلام بن صالح، أخبرني سليمان بن شهاب العبسي قال: نزل علي عبد الله بن مغنم، وكان من أصحاب النبي ﷺ فحدثني عن النبي ﷺ أنه قال: «الدجال ليس به خفاء، إنه يجيء من قبل المشرق، فيدعو إلى حق، فيتبع، وينتصب للناس فيقاتلهم، فيظهر عليهم، فلا يزال على ذلك حتى يقدم الكوفة، فيظهر دين الله، ويعمل به، فيتبع ويحب على ذلك، ثم يقول بعد ذلك: إني نبي. فيفزع من ذلك كل ذي لب ويفارقه، فيمكث بعد ذلك، حتى يقول: أنا الله. فتعمش عينه، وتقطع أذنه، ويكتب بين عينيه كافر، فلا يخفى على كل مسلم، فيفارقه كل أحد من الخلق في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ويكون أصحابه وجنوده المجوس واليهود والنصارى، وهذه الأعاجم من المشركين، ثم يدعو برجل فيما يرون، فيؤمر به فيقتل، ثم يقطع أعضاءه، كل عضو على حدة، فيفرق بينها حتى يراه الناس، ثم يجمع بينها، ثم يضربه بعصاه، فإذا هو قائم، فيقول: أنا الله، أحيي وأميت، وذلك كله سحر يسحر به أعين الناس، ليس يصنع من ذلك شيئا».
قال شيخنا الذهبي: ورواه يحيى بن موسى خت، عن سعيد بن محمد الثقفي، وهو واه، وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنه قال في الدجال: هو صافي بن صائد، يخرج من يهودية أصبهان على حمار أبتر، ما بين [ص:211] أذنيه أربعون ذراعا، وما بين حافره إلى الحافر الآخر أربع ليال، يتناول السماء بيده، أمامه جبل من دخان، وخلفه جبل آخر، مكتوب بين عينيه كافر، يقول: أنا ربكم الأعلى، أتباعه أصحاب الربا وأولاد الزنا. رواه أبو عمرو الداني في كتاب « أخبار الدجال »، ولا يصح إسناده.