البداية والنهاية/كتاب الفتن والملاحم/صفة أهل آخر الزمان
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض، فيبقى فيها عجاجة لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا».
[ص:282] وحدثناه عفان، حدثنا همام، عن قتادة، عن الحسن، عن عبد الله بن عمرو، ولم يرفعه، وقال: «حتى يأخذ الله شريطته من الناس».
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا قيس، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود، قال: سمعنا رسول الله ﷺ يقول: «إن من البيان سحرا، وشرار الناس الذين تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون قبورهم مساجد». وهذا إسناد صحيح، ولم يخرجوه من هذا الوجه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا بهز، حدثنا شعبة، حدثنا علي بن الأقمر، سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس». ورواه مسلم، عن زهير بن حرب، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن علي بن الأقمر به.
وقد تقدم في الأحاديث السابقة أنه يقل الرجال، وتكثر النساء، حتى [ص:283] يكون لخمسين امرأة القيم الواحد، يلذن به، وأنهم يتسافدون في الطرقات، كما يتسافد البهائم. وقد أوردناها بأسانيدها وألفاظها بما أغنى عن إعادتها، ولله الحمد.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد، أخبرنا ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: لا إله إلا الله». ورواه مسلم، عن زهير بن حرب، عن عفان به. ولفظه: «لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله».
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله الله». ورواه مسلم، عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق به.
وقال أحمد: حدثنا ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: «لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله».
وهذا الإسناد ثلاثي على شرط الصحيحين، وإنما رواه الترمذي، عن بندار، عن محمد بن عبد الله بن أبي عدي، عن حميد، عن أنس، مرفوعا، [ص:284] وقال: حسن. ثم رواه، عن محمد بن المثنى، عن خالد بن الحارث، عن حميد، عن أنس، موقوفا. ثم قال: وهذا أصح من الأول.
وفى معنى قوله ﷺ: «حتى لا يقال في الأرض: الله الله». قولان: أحدهما أن معناه أن أحدا لا ينكر منكرا ولا يزجر أحد أحدا إذا رآه قد تعاطى منكرا، وعبر عن ذلك بقوله: «حتى لا يقال: الله الله». كما تقدم في حديث عبد الله بن عمرو: «فيبقى فيها عجاجة لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا». والقول الثاني: حتى لا يذكر الله في الأرض، ولا يعرف اسمه فيها، وذلك عند فساد الزمان، ودمار نوع الإنسان، وكثرة الكفر والفسوق والعصيان يتواكلون الخير بينهم، حتى لا يقول أحد لأحد: اتق الله خف الله، وهذا كما في الحديث الآخر: «لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: لا إله إلا الله». وكما تقدم في الحديث الآخر أن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يقولان: «أدركنا الناس وهم يقولون: لا إله إلا الله». ثم يتفاقم الأمر، ويتزايد الحال، حتى يترك ذكر الله جملة في الأرض، وينسى بالكلية، فلا يعرف فيها، وأولئك هم شرار الناس، وعليهم تقوم الساعة، كما تقدم في الحديث: «ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس». وفي لفظ: «شرار الناس الذين تدركهم الساعة وهم أحياء».
وفي حديث عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، عن النبي ﷺ: «لا يزداد الناس إلا شحا، ولا يزداد الزمان إلا شدة، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس».
[ص:285] وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم، حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله ﷺ وهو يقول: «يا عائشة، قومك أسرع أمتي لحاقا بي». قالت: فلما جلس قلت: يا رسول الله، جعلني الله فداك، لقد دخلت وأنت تقول كلاما أذعرني، قال: «وما هو؟» قالت: تزعم أن قومي أسرع أمتك بك لحاقا، قال؟ " نعم ". قالت: وعم ذاك؟ قال: «تستحلهم المنايا، فتنفس عليهم أمتهم». قالت: فقلت: فكيف الناس بعد ذلك؟ قال: «دبا يأكل شداده ضعافه، حتى تقوم عليهم الساعة». والدبا: الجنادب التي لم تنبت أجنحتها. تفرد به أحمد.
وقال أحمد: حدثنا علي بن ثابت، حدثني عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن علباء السلمي، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا تقوم الساعة إلا على حثالة من الناس». تفرد به، وقد رواه أبو خيثمة، عن علي بن ثابت به.
[ص:286] ولأبي نعيم من طريقه، بإسناده: «لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من الموالي يقال له: جهجاه».