الآثار النبوية (الطبعة الأولى)/الركاب النبوي
لم نقف إلا على خبر ركابين قيل: إنهما نبويان؛ أحدهما كان عند علاء الدين الخلاطي. والثاني كان عند الملك الناصر صلاح الدّين الأيوبي من ذرّية صلاح الدّين الكبير. أما الأول فمذكور في ترجمة الخلاطي بالدرر الكامنة للحافظ ابن حجر العسقلاني، ونصها: «علي بن محمد بن الحسن الخلاطي الحنفي علاء الدين الملقب بالقادوسي1 لطول تكوير عمامته، ويعرف أيضًا بمزلقان، وكان يقال له الركابي لأنه كان يزعم أن عنده ركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يزعم أيضاً أن عنده من شعره، وتفقه واشتغل وتقدم ودرس بالظاهرية وولي إمامتها، وهو أول مَن أمَّ بها ودرس بالديلمية، وكتب على الهداية شرحاً، وناب في الحكم عن معز الدين نعمان بالحسينية، ومات في النصف من جمادى الأولى سنة ٧٠٨».
وأما الثاني فرأيته مذكوراً في جزء عندي قديم الخط من تاريخ لبغداد لم أعرف اسمه ولا اسم مؤلفه، جاء فيه في حوادث سنة ٦٥٣ ما نصه: «وفيها أرسل صلاح الدين بن أيوب صاحب دمشق وحلب إلى الخليفة المستعصم رسولاً معه فردة ركاب كبيرة من حديد قد ذكر أَنها ركاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأَنها عند بني أيوب يحفظونها كما يحفظ بنو العباس البردة الشريفة، فقبلها الخليفة وجعلها في خزانته مع البردة والقضيب2، فأنشد أبو المعالي القاسم بن أبي الحديد ارتجالاً:
انتهى. وصلاح الدين المذكور هو الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب الكبير، كان ملكاً لحلب، ثم استولى على دمشق وأَضافها إلى مملكته سنة ٦٤٨، وجعلها مقرّ ملكه، وكان سمحاً جواداً حسن الأخلاق، غير أَنه لما بلغته كائنة هلاكو ببغداد وقتله للخليفة هرب من دمشق، وكان اجتمع له فيها عساكر كثيرة تناهز المائة أَلف فترك الجميع وهرب، ثم أحسن الظن بالمغول واتصل بهم فاستصحبوه معهم ثم غدروا به وقتلوه شر قِتلة سنة ٦٥٨. انتهى ملخصاً من تحفة الأحباب فيمن حكم دمشق من الخلفاء والملوك والنواب للصفدي، ومن عيون التواريخ لابن شاكر.