انتقل إلى المحتوى

إن بكى الشرق فالمصاب أليم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

إن بكى الشرق فالمصاب أليم

​إن بكى الشرق فالمصاب أليم​ المؤلف جبران خليل جبران


إن بكى الشرق فالمصاب أليم
وقليل فيه الأديب العليم
أمة لا يعيش مثلك فيها
كيف حال كحالها تستقيم
يا غريبا الى العرار مشوقا
أين دون العرار منك الشميم
لذت بالعالم الجديد وإن شط
وما كان طائلا ما تروم
فبعينيك زينة الحور والدور
وفي قلبك المها والصريم
هجرة بعد هجرة بعد أخرى
وهموم في إثرهن هموم
واليسير الذي تصيد عسير
والضئيل الذي تريد جسيم
أخمد الموت ذلك العزم في
ندب على الضيم ساعة لا يقيم
أي شأن والعصر ما نحن فيه
شأن قوم بعالم لم يقوموا
كل يوم يهدي إليهم نعيما
وله البؤس بينهم والجحيم
أفذاك التفريط يجزيء منه
أن تعاد العظام وهي رميم
إنت كرم بعد الوفاة فهلا
قبلها كان ذلك التكريم
يا لقومي هل خلتم الشرق عفوا
قد دهاه التشتيت والتقسيم
إن تبيحوا خياركم أبد الدهر
هفل معتد عليكم غشوم
إنما نحن هذا لا ملام
وصريح العرفان فينا المليم
وأخو اللب ظالم نفسه فينا
وإ خال أنه مظلوم
ما الذي سلط الجمود علينا
أتراه الهواء والإقليم
فعلام الفنون كانت إذن منا
وكانت منا كذاك العلوم
وبأي الاسباب بدلت الحال
فعكس الحديث ذاك القديم
ويح أهل التثقيف من بيئة
للمال فيها لا غيره التعظيم
فإذا أيسروا اصابو تجلات
وإلا رموا بخبل وليموا
باعل الحرص لا عدمت القرابين
ولا فات شعبك التقديم
في بلاد كما تحب تراها
باقيات وحيث شئت تريم
جهلها فيه شبه نور وخير
منه لو أنه ظلام بهيم
خادم العلم عادم الحظ فيها
وعزيز أن يشكر المخذوم
يغنم القوم من جنى عقله ما
أدركوا غنمين وهو الغريم
أترى هذه الوليمة والغرثى
عكوف ومنهم من يحوم
ما الثمار التي تدار تباريخ
قلوب. وما اللحوم حلوم
ما الأواني مصاحف. ما الحميا
أدمع. ما ورد العمار كلوم
باعل الحرص إن ظلك مادام
فهذا الشقاء فينا يدوم
أين من خيل أنه خلدته
دولتاه المنثور والمنظوم
أين واعي اللغات مختلفات
لم يفته منها اللباب الصميم
أي بحاثة أريب أديب
بان عنا وحقه مهضوم
إن يقم ناصحا فنعم المربي
أو يقل مازحا فنعم النديم
قل في الناس من له فضله الجسم
وتلك النهى وذاك الخيم
خلق ثابت ولفظ رقيق
وفؤاد طود وطبع نسيم
أريحي يصيب قسطا كبيرا
من نداه الحريب والمحروم
لم يقارف فعلا يشين ولم
يأت من الأمر ما يعاف الحكيم
كل عقد وإن تعايى على الحل
به رأيه الحصيف زعيم
ذهنه ثاقب له بصر النجم
من الأوج والشعاع القويم
فإذا حالت الامور فقد كف
ولم يشك والنبيل كظيم
أي سليمان إنني لأسيف
أن يقال الفقيد والمرحوم
سر حميدا إلى الخلود والق العبء
إن الحياة عبء ذميم
هكذا والمحيط غير عظيم
يفقد الحيلة الذكي العظيم
فكبار الأحلام تغرق فيه
وصغار الخلام فيه تعوم
ولئن قام للفخار وراء الموت
وزن يجري به التقويم
ليزولن كل من ظن بالمال
خلودا وأنت حي مقيم
يا معزين في سليمان صبرا
ولنا فيكم غزاء كريم
ذلكم أن في سماء علاكم
كل شمس تخبو تليها نجوم