انتقل إلى المحتوى

إلى الله إني للعظيم حمول

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

إلى اللَّهِ إنّي للعَظِيمِ حَمُولُ

​إلى اللَّهِ إنّي للعَظِيمِ حَمُولُ​ المؤلف الشريف الرضي


إلى اللَّهِ إنّي للعَظِيمِ حَمُولُ
كَثِيرٌ بِنَفْسِي، وَالعَدِيلُ قَلِيلُ
وَمَنْ طُعمُهُ مِنْ سَيفِهِ كيفَ يتّقي
ومن يطلب العلياء كيف يقيل
يَقُولونَ: خَالِلْ في البِلادِ، وَإنّما
خليلي من لا يطبيه خليل
وليس طباع الناس وفقاً وربما
تَفَاضَلَ فيهِمْ أنْفُسٌ وَعُقُولُ
ولولا نفوس في الأقل عزيزة
لَغَطّى جَميعَ العَالَمِينَ خُمُولُ
فَمَا تَطلُبُ الأيّامُ مِنْ مُتَغَرّبٍ
له كل يوم رحلة ونزول
رمى مقتل الدنيا بسهم قناعة
فَعَزّ لأِنْ غَالَ الرّمِيّةَ غُولُ
إلا إنما الدنيا إذا ما نظرتها
بقَلْبِكَ، أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ
وَما يُثقِلُ المَيتَ الصّعيدُ، وَإنّمَا
على الحي عبءٌ للزمان ثقيل
وَتَخْتَلِفُ الأيّامُ حَتّى تَرَى العُلَى
عناء ويغدو ما يروق يهول
أقُولُ لِغِرٍّ بِالمَنَايَا وَدُونَهُ
لهن خيول جمة وحبول
ستعطى يد العاني إذا ما دنا لها
بِغَيرِ وَغًى قِرْنٌ ألَدُّ صَؤولُ
فَلا تَعتَصِمْ بالبُعْدِ عَنهَا، فإنّهَا
مَسَرّةُ نِقْيٍ في العِظَامِ دَمُولُ
أرى شيبة في العارضين فيلتوي
بقلبي حدَّاها جوىً وغليل
وَمن عجَبٍ غضّي عن الشّيبِ جازِعاً
وَكَرّي إذا لاقَى الرّعيلَ رَعِيلُ
ولي نفس يطغى إذا ما رددته
فيَعرقُني عَرْقَ المُدَى، وَيَغُولُ
وما تسع الأضلاع ريعان زفرة
يَكَادُ لهَا قَلْبُ الجَليدِ يَزُولُ
وَمَا ذاكَ مِنْ وَجْدٍ خَلا أنّ هِمّةً
عنائي بها في الواجدين طويل
بكَيتُ وَكَانَ الدّمعُ شَيباً مُبَيِّضاً
عِذارِيَ، لا جارِي الغُرُوبِ هَطولُ
وَشَوْكَةِ ضِغْنٍ ما انتَقَشتُ شَباتَها
ذهَاباً بنَفْسِي أنْ يُقَالَ عَجُولُ
وَإنّيَ إنْ أُعطِ المَدَى مُتَنَفَّساً
نَزَعتُ أذاهَا، والزّمَانُ يُدِيلُ
وما أنا إلا الليث لو تعلمونه
وَذا الشَّعَرُ البادي عَليّ قَبِيلُ
وقد عصبت مني الليالي بساعد
تَئِنّ الأعَادي مَرّةً وَتُنِيلُ
إذا سَطّرَتْ نَهْراً وَرَاءَ بُيُوتِهَا
سطوت وما يعدى عليَّ قبيل
وَزُورُ المَآقي مِنْ جَديلٍ وَشَدْقَمٍ
تَبَلّدَ عَنْهَا شَدْقَمٌ وَجَدِيلُ
شققنا بها قلب الظلام وفوقها
رجال كأطراف الذوابل ميل
وَهَبّتْ لأصْحَابي شَمَالٌ لَطيفَةٌ
قَرِيبَةُ عَهْدٍ بالحَبيبِ بَلِيلُ
ترانا إذا أنفاسنا مزجت بها
نرنح في أكوارنا ونميل
ولم أر نشوى للشمال عشية
كَأنّ الذي غَالَ الرّؤوسَ شَمُولُ
وبرق يعاطينا الجوى غير أنه
بِهِ مِنْ عُيُونِ النّاظِرِينَ نُحُولُ
وليل مريض النجم من صحة الدجى
نضوناً ولألاءَ النصول دليل
وَأَخضَرَ مَستُورِ التّرَابِ برَوْضَةٍ
رعينا وقد لبى الرغاء صهيل
وَعُدْنَا بِهَا وَاللّيلُ يَنفُضُ طَلَّهُ
سقاط اللآلي والنسيم عليل
إذا استَوْحَشَتْ آذانُها مِنْ تَنُوفَةٍ
وَحَمحَمَ وَخدٌ دائِبٌ وَذَمِيلُ
رمت بأناسي الحداق وراعها
أبارق يعرضن الردى وهجول
ولولا رجاء منك رقابها
لمَا آبَ إلاّ ضَالِعٌ وَكَلِيلُ
وَدُونَ رِوَاقِ المَجْدِ مِنْكَ مُمَنَّعٌ
جزيل المعالي والعطاء جزيل
مَرِيرُ القُوَى لا يَرْأمُ الضّيمُ أنْفَهُ
وأيدي العدا لا عليه نصول
ينهنه بالأعداء وهو مصمم
وَيُزْجَرُ بالعُذّالِ، وَهوَ مُنيلُ
فَتًى لا يَرَى الإحْسَانَ عِبْأً يَجرُّهُ
ولكنه لولا الآباء ذلول
أقَرَّ بِحَقّ المَجْدِ، وَهوَ مُضَيَّعٌ
وعظَّم قدر الدين وهو ضئيل
سَرَى طَالِباً ما يَطلُبُ النّاسُ غيرَهُ
وَما كلُّ قِرْنٍ في الرّجالِ رَجيلُ
فَمَا آبَ حتّى استَفرَغَ المَجدَ كُلّهُ
شَرُوبٌ عَلى غَيظِ العَدُوّ أكُولُ
أيرجى مداه بعد ما ضحكت به
أمَامَ المَعَالي، غُرّةٌ وَحُجُولُ؟
أرَى كُلّ حَيٍّ مِن فُضَالاتِ سَيفِهِ
وها هوذا طاغي الغرار صقيل
وَكَمْ غَمرَةٍ يَعْلُو المُلَجَّمَ ماؤها
شققت ولو أن الدماء تسيل
وهول يغيظ الحاسدين ركبته
وَحيدَ العُلَى، وَالهَائِبُونَ نُزُولُ
بطعنة مياس إلى الموت رمحه
يَرُومُ العُلَى مِنْ غايَةٍ فَيَطُولُ
فِداكَ رِجَالٌ للمُنَى في دِيَارِهِمْ
نَحيبٌ، وَللظّنّ الجَميلِ عَوِيلُ
فَوَاغِرُ عُمْرَ الدّهرِ لمْ يُطعِمُوا العلى
إلا قلّ ما يعطى العلاء بخيل
أرادوك بالأمر الجليل وإنما
يُصَادِمُ بالأمْرِ الجَليلِ جَلِيلُ
أألآنَ إنْ ألقَيْتَ ثِنْيَ زِمَامِهَا
وعطل أغراض لها وجديل
وَإلاّ لَيَالٍ أنْتَ رَاكِبُ ظَهرِها
وأمر العلى جمعاً إليك يؤل
وطاغ وعاء الشربين ضلوعه
وداءٌ من الغل القديم دخيل
رماك وبين العين والعين حاجز
وقالٌ وراء الغيب فيك وقيل
فَما زِلتَ تَستوْفي مَرَاميهِ، وَالقُوَى
تُقَطَّعُ، وَالإقْبَالُ عَنْهُ يَمِيلُ
إلى أن أطعت الله ثم رميته
فلم تغض إلا والرمي قتيل
كذلك أعداء الرجال وهذه
لِسَائِرِ مَنْ يَطغَى عَلَيْكَ سَبيلُ
وَتَسْمُو سُمُوُّ النّارِ عِزّاً وَهِمّةً
وَيَهوِي هُوِيَّ الأرْضِ، وَهوَ ذَليلُ
هنيئاً لك العيد الجديد فإنه
بِيُمْنِكَ وَضّاحُ الجَبِينِ جَمِيلُ
وَلا زَالَتِ الأعيَادُ هَطْلَى رَخِيّةً
يُحَيّيكَ مِنْهَا زَائِرٌ وَنَزِيلُ
وساق عداك العاصفات وأقبلت
عَلَيْكِ شَمَالٌ لَدْنَةٌ وَقَبُولُ
وقد تعقم الأفهام عن قول قائل
فيوجز بعض القول وهو مطيل
وما الفضل إلا ما أقول فراعة
وَبَاقي مَقَامَاتِ الأنَامِ فُضُولُ