انتقل إلى المحتوى

إلى الله أشكو طول ليلي وجارة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

إِلى اللَّهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِي وَجَارَة ً

​إِلى اللَّهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِي وَجَارَة ً​ المؤلف محمود سامي البارودي


إِلى اللَّهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِي، وَجَارَةً
تَبِيتُ إِلَى وَقْتِ الصَّبَاحِ بِإِعْوَالِ
لها صبيةٌ لاَ باركَ اللهُ فيهمُ
قِبَاحُ النَّوَاصِي، لاَ يَنَمْنَ عَلَى حَالِ
صوارخُ، لاَ يهدأنَ إلاَّ معَ الضحا
مِنَ الشَّرِّ، في بَيْتٍ مِنَ الْخَيْرِ مِمْحَالِ
تَرَى بَيْنَهُمْ ـ يَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ ـ
لَهِيبَ صِيَاحٍ يَصْعَدُ الْفَلَكَ الْعَالِي
كَأَنَّهُمُ ـ مِمَّا تَنَازَعْنَ ـ أَكْلُبٌ
طُرِقْنَ ـ عَلَى حِينِ الْمَسَاءِ ـ برِئْبَالِ
فهجنَ جميعاً هيجةً فزعتْ لها
كِلاَبُ الْقُرَى، مَا بَيْنَ سَهْلٍ وَأَجْبَالِ
فلمْ يبقَ منْ كلبٍ عقورٍ وَ كلبةٍ
مِنَ الْحَيِّ إِلاَّ جَاءَ بِالْعَمِّ وَالْخَالِ
وَفزِّعَتِ الأَنْعَامُ وَالْخَيْلُ؛ فَانْبَرَتْ
تُجَاوِبُ بَعْضاً فِي رُغَاءٍ وَتَصْهَالِ
فقامتْ رجالُ الحيَّ تحسبُ أنها
أصيبتْ بجيشٍ ذي غواربَ ذيالِ
فَمِنْ حَامِلٍ رُمْحاً، وَمِنْ قَابِضٍ عَصاً
وَمِنْ فَزِعٍ يَتْلُو الْكِتَابَ بِإِهْلاَلِ
وَ منْ صبيةٍ ريعتْ لذاكَ، وَ نسوةٍ
قَوَائِمَ دُونَ الْبَابِ يَهْتِفْنَ بِالْوَالِي
فَيَا رَبُّ، هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ تَصَبُّراً
عَلَى مَا أُقَاسِيهِ، وَخُذْهُمْ بِزَلْزَالِ