إحياء علوم الدين/كتاب أسرار الصلاة ومهماتها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي غمر العباد بلطائفه، وعمر قلوبهم بأنوار الدين ووظائفه التي تنزل عن عرش الجلال إلى السماء الدنيا من درجات الرحمة إحدى عواطفه فارق الملوك مع التفرد بالجلال والكبرياء بترغيب الخلق في السؤال والدعاء فقال: هل من داع فأستجيب له وهل من مستغفر فأغفر له? وباين السلاطين بفتح الباب، ورفع الحجاب فرخص للعباد في المناجاة بالصلوات كيفما تقلبت بهم الحالات في الجماعات والخلوات ولم يقتصر على الرخصة بل تلطف بالترغيب والدعوة وغيره من ضعفاء الملوك لا يسمح بالخلوة إلا بعد تقديم الهدية والرشوة فسبحانه ما أعظم شأنه وأقوى سلطانه، وأتم لطفه، وأعم إحسانه؛ والصلاة على محمد نبيه المصطفى ووليه المجتبى وعلى آله وأصحابه مفاتيح الهدى ومصابيح الدجى وسلم تسليماً. أما بعد: فإن الصلاة عماد الدين، وعصام اليقين، ورأس القربات، وغرة الطاعات؛ وقد استقصينا في فن الفقه - في بسيط المذهب ووسيطه ووجيزه - أصولها وفروعها، صارفين جمام العناية إلى تفاريعها النادرة. ووقائعها الشاذة لتكون خزانة للمفتي منها يستمد ومعولاً له إليها يفزع ويرجع. ونحن الآن في هذا الكتاب نقتصر على ما لابد للمريد منه من أعمالها الظاهرة وأسرارها اباطنة، وكاشفون من دقائق معانيها الخفية في معاني الخشوع والإخلاص والنية ما لم تجر العادة بذكره في فن الفقه؛ ومرتبون الكتاب على سبعة أبواب. الباب الأول: في فضائل الصلاة. الباب الثاني: في تفضيل الأعمال الظاهرة من الصلاة. الباب الثالث: في تفضيل الأعمال الباطنة منها. الباب الرابع: في الإمامة والقدوة. الباب الخامس: في صلاة الجمعة وأدابها. الباب السادس: في مسائل متفرقة تعم بها البلوى يحتاج المريد إلى معرفتها. الباب السابع: في التطوعات وغيرها.