انتقل إلى المحتوى

أَشْفَتْ غَلِيلَ فُؤَادِكَ الظَّمآنِ

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أَشْفَتْ غَلِيلَ فُؤَادِكَ الظَّمآنِ

​أَشْفَتْ غَلِيلَ فُؤَادِكَ الظَّمآنِ​ المؤلف خليل مطران


أَشْفَتْ غَلِيلَ فُؤَادِكَ الظَّمآنِ
تِلْكَ العُيُونُ تَسِيلُ مِنْ لُبْنَانِ
أَمْ فُرْقَةُ الأَوْطَانِ قَدْ أَوْدَتْ بِهِ
وَأَشَدُّ رُزْءٍ فُرْقَةُ الأَوْطَانِ
مَا زَالَ مِنْ وَجْدٍ عَلَيْهَا خَافِقاً
حَتَّى اسْتَقَرَّ بِهَا مِنَ الخَفَقَانِ
أَمَّا أَنَا فَتَكَادُ أَحْدَاثُ النَّوَى
تَسْتَنْزِفُ الْعَبَرَاتِ مِنْ أَجْفَانِي
لا تَنْقَضِي بِيَ حِجَّةٌ إِلاَّ وَبِي
أَسَفٌ عَلَى خِدْنٍ مِنَ الأَخْدَانِ
وَيُجَدِّدُ الحُزْنَ الْعَتِيدَ عَلَى أَخٍ
حُزْنِي عَلَى المَاضِينَ مِنْ إِخْوَانِي
هَلْ لِي تَأَسٍّ بَعْدَ بَيْنِكَ وَأَلأَسَى
غَلَبَ الْعَزَاءَ وَبَاتَ مِلْءَ جَنَانِي
قَدْ سَاءَ مَنْعَاكَ الَّذِينَ بَقُوا وَإِنْ
سَرَّ الأُولَى سَبَقُوا مِنَ الأَقْرَانِ
جَزِعَ الصَّبُورُ وَقَدْ سَكَنْتِ لِمَا دَهَى
تِلْكَ العَزِيمَةَ فِي فَتَى الْفِتَيَانِ
وَشَبَابِ ذَاكَ الجِسْمِ فِي رَيْعَانِهِ
وَشَبَابَ تِلْكَ النَّفْسِ فِي الرَّيْعَانِ
أَنَّى سَكَتَّ وَكُنْتَ غِرِّيدَ الحِمَى
وَصَدَاكَ فِيهِ مِلْءُ كُلِّ مَكَانِ
سَيَطُولُ لَيْلُ السَّاهِرِينَ وَلَيْلُهُ
شَوْقاً إِلَى إِنْشَادِكَ الرَّنَّانِ
أَلمَوْتُ خَتَّالٌ وَلَيْسَ بِشَافِعٍ
لِلبُلْبُلِ التَّغْرِيدُ فِي الأَفْنَانِ
مَنْ يَا أَخَا الإِتْقَانِ بَعْدَكَ صَائِغٌ
غُرَرَ الْقَرِيضِ بِذَلِكَ الإِتْقَانِ
كُلُّ الَّذِي أَجْرَيْتَ فِيهِ يَرَاعَةً
أَحْسَنْتَ فِيهِ نِهَايَةَ الإِحْسَانِ
بالطَّبْعِ تُفْرِغُ نَاظِماً أَوْ نَاثِراً
أَسْمَى المَعَانِي فِي أَرَقِّ مَبَانِي
تَهْوَى الرُّقِيَّ فَمَا نَمَلُّ مُبَيِّناً
سُبُلَ الهُدَى وَطَرَائِقَ الْعُمْرَانِ
فَإِذَا نَقَدْتَ فَأَنْتَ أَصْدَقُ طَائِرٍ
بَصَراً بِقَاصٍ فِي الأُمُورِ وَدَانِ
كَمْ حِكْمَةٍ رَدَّدْتَهَا فَأَعَدْتَهَا
وَلَهَا رَنِينُ مَثَالِثٍ وَمَثَانِي
وَمَقَامَةٍ فَصَّلْتَهَا وَوَصَلْتَهَا
وَصْلَ الْفَرِيدِ مُفَصَّلاً بِجُمَانِ
بِفَصَاحَةٍ لَيْسَتْ لِتُبْقِيَ حَاجَةً
فِي نَفْسِ مُطَّلِعٍ إِلَى تِبْيَانِ
وَسَلاسَةٍ تُرْوِي الْغَلِيلَ كَأَنَّهَا
قَطْرُ النَّدَى فِي مُهْجَةِ الْحَرَّانِ
وَدُعَابَةٍ فَتَّانَةٍ لأُولِي النُّهَى
كَدُعَابَةِ الأَنْوَارِ وَالأَلْوَانِ
تَكْفِي الرِّوَايَاتُ الَّتِي دَبَّجْتَهَا
أُمَماً تُطَالِعُهَا إِلَى أَزْمَانِ
صُحُفٌ بِلا عَدٍّ لَهَا آثَارُهَا
مَا كَرَّتِ الأَحْقَابُ فِي الأَزْمَانِ
لا تَبْعَدَنَّ فَإِنَّ فِي أَكْبَادِنَا
لَكَ جَانِباً يَنْبُو عَنِ السُّلْوَانِ
ذِكْرَاكَ فِي رَوْضِ الْوَفَاءِ نَضِيرَةٌ
وَثَرَاكَ مُخْضَلٌّ مِنَ التَّحْنانِ