انتقل إلى المحتوى

أيدا تفيض وخاطرا متوقدا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أيداً تفيضُ وخاطراً متوقدا

​أيداً تفيضُ وخاطراً متوقدا​ المؤلف الرصافي البلنسي


أيداً تفيضُ وخاطراً متوقدا
دعها تبتْ قبساً على علمِ النَّدى
نِعْمَ اليدُ البيضاءُ آنَسَ طارقٌ
نارَ الذكاءِ على مكارمِها هُدَى
نعماءُ أعياني التماسُ مكانِهَا
لو قد وجدتُ لها ولياً مرشدا
ويقولُ قومٌ: آيةٌ قدسيةٌ
واظنُّها للقائدِ الأعْلى يَدا
رجلُ الزَّمانِ حَزَامةً وَشَهامَةً
وسريهُ حسباً أغرَّ ومحتدا
شهمٌ على رأسِ الدهاءِ محلقٌ
لو شاء أفردَ منْ أخيه الفرقدا
يستهدفُ المستقبلاتِ بظنِّهِ
فيكادُ يُصْمِي اليومَ ما يَرْمي غَدا
ويسابقُ الرأيَ المصيبَ بعزمِهِ
كالسَّهْمِ لا كَسِلاً ولا مُتَبَلِّدا
حزمٌ يريكَ المشرفيَّ مصمماً
في كفِّهِ والسمهريَّ مسددا
وتكادُ تحميهِ نفاسةُ قدرهِ
واليأسُ مِنْ إِدْرَاكِهِ أنْ يُحْسَدا
وإذا ذكرتَ قبيلَهُ عَنْساً فَخُذْ
ما شئتَ من شرفٍ وعزٍّ سرمدا
مات الجدودُ الأقدمونَ وغادروا
إِرْثَ السَّناءِ على البنينَ مُؤَبَّدا
وكفاكَ منه اليومَ أَيُّ بقيَّةٍ
كرموا لها أصلاً وطابوا مولِدا
إِنَّ الكرامَ بني سعيدٍ كلَّما
ورثوا النَّدَى والمجدَ أوْحَدَ أوْحَدا
قَسَمُوا المعاليَ بالسَّوَاءِ وَفَضَّلوا
فيها عمادهمُ الكبيرَ محمَّدا
ياواحدَ الدُّنيا وَسَوْفَ أُعيدُهَا
مثنَى وإِنْ أغنَى نداؤكَ موحَدا
أَمَّا وقد طُفْنا البلادَ فلم نَجِدْ
لك ثانياً فكنِ الكريمَ الأوحدا
مهدْ لنا فوقَ السهَى نحططْ به
رِجْلَ المخيِّم لا بَرِحْتَ مُمَهِّدا
واصْرِفْ لنا وَجْهَ القَبُولِ فإِنما
وَصَلَتْ إليكَ بنا الأماني وُفَّدا
نبقي لقاءَك وهوَ أكرمُ حاجةٍ
نهبتْ لها الخيلُ السُّهَى والفرقَدا
ولذاكَ خضتُ الليلَ فوقَ مكرَّمٍ
لم أَعْدُ بي وبهِ العُلا والسُّؤْدَدا
يَدرْي الأغَرُّ إذا خَفَضْتُ عنانَهُ
أني سأُبْلِغُهُ منَ الشَّرَفِ المَدى
وإلى النجومِ الزهرِ يرفعُ طرفهُ
من لم يحاولْ غيرَ دارِكَ مقصدا
عَجَبي ولكنْ من سفاهةِ راحلٍ
رامَ الرشادَ فراحَ عنك أوِ اغتَدى
ركبَ الهجيرةَ والسرابُ أَمامهُ
ونأى العديرُ له فماتَ منَ الصَّدى
وعلى منِ اعْتَمدتْ سواكَ ظُنُونُهُ
في الناسِ كلِّهِمُ لِخنْصَرِكَ الفِدا
الناسُ أنْتَ وسرُّ ذلكَ أنَّهُ
أصبحتَ فيهمْ بالعُلا متفردا
شِيَمٌ تَفُوْقُ شَذا المديحِ وإِنْ غدا
مِسْكاً بأقْطارِ البلادِ مُبَدَّدا
وجميلُ ذِكْرٍ قَدْ تَضاعَفَ ذِكْرُهُ
مما يُعادُ به الحديثُ وَيُبْتَدا
سهلُ الولوجِ على الفؤادِ كأنَّهُ
نفسٌ يمرُّ على اللسانِ مردَّدا
فإِليكَ شكري تحفةً من قادمٍ
مَغْناكَ زارَ وَمِنْ نَداكَ تَزَوَّدا
وعليَّ توفِيةُ الثناءِ مُخَلَّداً
إنْ كان يُقْنِعُكَ الثَّناءُ مُخلَّدا