انتقل إلى المحتوى

أيا ليل جو من بشيرك بالصبح

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أيا ليلَ جوًّ منْ بشيرك بالصبحِ

​أيا ليلَ جوًّ منْ بشيرك بالصبحِ​ المؤلف مهيار الديلمي


أيا ليلَ جوًّ منْ بشيرك بالصبحِ
و هل من مقيلٍ بعدُ في ظلل الطلحِ
و ماؤكم استشفيتُ زمزمَ بعده
فما بردتْ لوحي ولا رفدتْ جرحي
سرقتُ على سؤرِ البخيلة نهلةً
بها لم أكن أدري أتسكر أم تصحي
قضت ساعةً بالجوّ أن ليس عائدا
بها الدهرُ في يومٍ بخيلٍ ولا سمحِ
فما لكَ منها غيرُ لفتةِ ذاكرٍ
إذا قلتُ بلتْ أوقدتْ لوعةَ البرحِ
أيا صاحِ والماشي بخير موفقٌ
ترنمْ بليليَ إن مررتَ على السفحِ
و قامرْ بعيني في الخليط مخاطرا
عست نظرةٌ منها يفوز بها قدحي
و سلْ ظبيةَ الوادي أأنتِ أم التي
حكتكِ على قلبي بلحظتها تنحى
رمتْ فجنت واستصفحتْ هي عامدٌ
ألا أين جرم العامدين من الصفحِ
و ليلٍ لبسناه بقربكِ ناعمٍ
بطائنَ ما بين القلائد والوشحِ
و يضحى ويمسي ضوءُ وجهكِ بيننا
سراجا البدر يمسي ولا يضحى
و لما استوى قسمُ الملاحةِ فيكما
تكلمتِ حتى بان فضلك بالملحِ
تذمُّ اطراحي ودَّ قومٍ ومدحهم
و ما مسها حمل الهوانَ ولا طرحي
تعاوت على سرح القريض تقصهُ
ذئابٌ لها من عجزها نقدُ السرحِ
تجانفُ عن حلوِ الكلام وصفوه
إذا ولعت جهلا وتكرعُ في الملحِ
إذا كان للتقبيل والشمَّ أصبحت
تماضغه ما بين أنيابها القلحِ
ترى كلَّ علج يحسبُ المجدَ جفنةً
تراوحُ أو قعبا يخمرُ للصبحِ
إذا رشحت من بهرهِ وانتفاخه
أياطلهُ ظنَّ الفصاحةَ في الرشحِ
إذا معجزاتُ الشعر عارضن فهمه
حلبنَ بكيئا لا تدرُّ على المسحِ
لكلَّ غريبٍ نادرٍ في فؤاده
و أحقادهِ فعلُ النكاية في القرحِ
إذا الغيظُ أو جهلُ الفضيلة عاقه
عن المدح في شيء تجملَ بالقدحِ
و كم دون حرّ القولِ من جنح ليلةٍ
إذا أظلمتْ لم يورِ فيها سوى قدحي
و قافيةٍ باتت تحارب ربها
فنازلتها شيئا فألقت يدَ الصلحِ
وصلتُ إليها والأنابيبُ حولها
تكسرُ لما كنتُ عاليةَ الرمحِ
إذا شئتَ أن تبلو أمرأَ أين فضلهُ
من النقصِ فاسمع منه إطرايَ أو جرحي
و كم ملكٍ لو قد سمحتُ أريته
بوجهِ قريضي طلعةَ النصر والفتحِ
إذا ما ترامت عالياتُ المنى به
بعيدا تمنى موضعَ النجم أو مدحي
و خلًّ أتى من جانب اللين عاطفا
فياسره عودي ولانَ له كشحي
وفرتُ له قسما كفاه وزاده
فمالَ به الإسفافُ في طلب الربحِ
و ساومَ غيري المدحَ يرخص عرضهُ
فلم يغني بخلي عليه ولا شحي
فأصبحتُ كالبيضاء ضرت فغاظها
بسوداءَ والعجزاءِ غارت من الرسحِ
و لكنّ ماسرجيسَ من لا ترده
عن الجدَّ حناتُ الطباعِ إلى المزحِ
و لا تقتضي ممطولةُ الحقَّ عنده
و لا يكسبُ الإنصاف بالكدَّ والكدحِ
إذا نال بيضاتِ الأنوقِ ميسرا
له وكرها لم تسبهِ بيضةُ الأدحى
كريمُ الوفاء أملسُ العرض طاهرٌ
إذا دنسُ الأعراضِ عولج بالرضحِ
تضيقُ صدورٌ بالخطوب وصدرهُ
إلى فرجاتٍ من خلائقه فسحِ
يشير بصغرى قولتيهِ فيكتفي
بهاو ذبابُ السيفِ يقطعُ بالنفحِ
غزير إذا استملى البلاغةَ فكرهُ
سقى بقليبٍ لا يغورُ بالنزحِ
تدبرَ من بيت الوزارة باحةً
له السبق فيها والجذاعَ من القرحِ
إذا زلقتْ يوما بأقدامِ معشرٍ
فمالت مشي فيها قويما على الصرحِ
أخذتم بأحقادٍ قديمٍ وقودها
عليكم ونارُ الضغن تحرق باللفحِ
و غاظت علاكم حاسديكم فنفرتْ
فتوقَ كبود لا تعالجَ بالنصحِ
وجوهٌ اليكم ضاحكاتٌ وتحتها
دخائلُ نياتٍ معبسةٍ كلحِ
وددتكَ لم أذخر هواكَ نصيحةً
أروح بها ملء الفؤادِ كما أضحى
حببتكَ من سلمى وأغدو بشفرةٍ
على عنقِ من أبغضتُ من منطقي أنحى
و كم من فتاةٍ قد منحتك رقها
على العزَّ لم أمننْ عليك بها منحى
لها بين يوم المهرجان مواقفٌ
لديك وبين الصوم عندك والفصحِ
أدلت بحسنٍ فهي تبرزُ سافرا
إذا اختمرتْ أخرى حياءً من القبحِ
إذا المنشدُ الراوي بها قام خلتهُ
يناوبُ ترجيعَ الحمامة بالسجحِ
و إن أبطأتْ عاما عليك سماؤها
فعندك سلفٌ من مرازمها الدلحِ
و لا ذنبَ لي إن أعقمتني عوائقٌ
من الدهر يوما أن يقصر بي لقحي