أهاجك شوق بعدما هجع الركب
المظهر
أَهاجَكَ شَوْقٌ بَعدَما هَجَعَ الرَّكْبُ
أَهاجَكَ شَوْقٌ بَعدَما هَجَعَ الرَّكْبُ
وَأُدْمُ المَطايا في أَزِمَّتِها تَحْبُو
فَأَذْرَيْتَ دَمْعاً ما يَجِفُّ غُروبُهُ
وقلَّ غناءً عنكَ وابلهُ السَّكبُ
تحنُّ حنينَ النِّيبِ شوقاً إلى الحمى
وَمَطْلَبُهُ مِنْ سَفْحِ كاظِمَةٍ صَعْبُ
رويدكَ إنّ القلبَ لجَّ به الهوى
وَطالَ التَّجَنِّي مِنْ أُمَيْمَةَ وَالعَتَبُ
وأهونُ ما بي أنَّ ليلةَ منعجٍ
أضاءتْ لنا ناراً بعلياءَ ما تخبو
يَعُطُّ جَلابيبَ الظَّلامِ التِهابُهَا
وَيَنْفَحُ مِنْ تِلْقائِها المَنْدَلُ الرَّطْبُ
فجاءتْ بريَّاها شمالٌ مريضةٌ
لَها مَلْعَبٌ ما بَيْنَ أَكْبادِنَا رَحْبُ
وبلَّتْ نجادَ السَّيفِ منِّي أدمعٌ
تصانُ على الجلَّى ويبذلها الحبُّ
فكادَ بِتَرْجِيعِ الحَنينِ يُجيبُني
حُسامِي وَرَحْلي وَالمَطِيَّةُ وَالصَّحْبُ
وَنَشْوانَةِ الأعْطافِ مِنْ تَرَفِ الصِّبَا
تُغِيرُ وِشاحَيْها الخَلاخِيلُ وَالقَلْبُ
إذا مضغت غبَّ الكرى عودَ إسحلٍ
وفاحَ علمنا أنَّ مشربهُ عذبُ
أتى طَيْفُها وَاللَّيْلُ يَسْحَبُ ذَيْلَهُ
وودَّعنا والصُّبحُ تلفظهُ الحجبُ
وللهِ زورٌ لم يغيِّر عهودهُ
بِعادٌ، وَلا أَهْدَى المَلالَ لَه قُرْبُ
تَمَنَّيتُ أَنَّ اللَّيلَ لَمْ يَقْضِ نَحْبهُ
وَأنْ بَقِيَتْ مَرْضَى عَلى أُفْقِهِ الشُّهْبُ
نظرنا إلى الوعساء من أيمنِ الحمى
وَأَيّ هَوًى لَمْ يَجْنِهِ النَّظَرُ الغَرْبُ
وَنَحْنُ عَلى أطْرافِ نَهْجٍ كَأَنَّهُ
إذا اطَّردتْ أدراجهُ صارمٌ عضبٌ
يَؤُمُّ بِنا أرْضَ العِراقِ رَكائِبٌ
تَقُدُّ بِأيْديها أَديمَ الفَلا نُجْبُ
فشعبُ بني العبّاسِ للمرتجي غنىً
وللمبتغي عزّاً، وللمعتفي شعبٌ
أولئكَ قومٌ أسبلَ العزُّ ظلَّهُ
عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَعْبَثْ بِأَعْطافِهِمْ عُجْبُ
هُمُ الرَّاسِياتُ الشُّمُّ ما أُبْرِمَ الحُبا
وَإنْ نُقِضَتْ هاجَتْ ضَراغِمَةٌ غُلْبُ
بِهم تُدْفَعُ الجُلّى وَتُسْتَلْقِحِ المُنى
وَتُسْتَغْزَرُ الجَدْوى وَتَسْتَمْطِرُ السُّحْبُ
يُحَيُّونَ مَهْدِيّاً بَنى اللّهُ مَجْدَهُ
على باذخٍ تأوي إلى ظلِّهِ العربُ
لَهُ الذِّرْوَةُ العَيْطاءُ في آلِ غالِبٍ
إذا انتضلتْ بالفخرِ مرَّةُ أو كعبُ
يسيرُ الملوكُ الصِّيدُ تحتَ لوائهِ
وَيَسْري إِلى أَعْدائِهِ قَبْلَهُ الرُّعْبُ
إذا اعتقلوا سمرَ الرِّماحِ لغارةٍ
وَجُرْدُ الجِيادِ الضابِعاتِ بِهِمْ نُكْبُ
أبوا غيرَ طعنٍ يخطرُ الموتُ دونهُ
ويشفي غليلَ المشرفيِّ بها الضَّربُ
كتائبُ، لولا أنَّ للسَّيفِ روعةً
كفاها العدا الرَّأيُ الإماميُّ والكتبُ
تدافعُ عنها البيضُ مرهفةَ الظُّبا
وَتَفْتَرُّ عَن أَنْيابِها دُونَها الحَرْبُ
إِليكَ أَمينَ اللّهِ أُهْدِي قَصائِداً
تَجوبُ بِها الأَرْضَ الغُرَيْرِيَّةُ الصُّهْبُ
فما للمطايا بعدما قطعتْ بنا
نِياطَ الفَلا، حَتّى عَرائِكُها حُدْبُ
معقَّلةً والبحرُ طامٍ عبابهُ
على الخسفِ، لا ماءٌ لديها ولا عشبُ
يصدُّ رعاءُ الحيِّ عنها وقد برى
بحيثُ الرُّبا تخضرُّ، أشباحها الجدبُ