انتقل إلى المحتوى

أهاجتك ذكرى من خليط ومعهد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أهاجتك ذكرى من خليط ومعهد

​أهاجتك ذكرى من خليط ومعهد​ المؤلف لسان الدين الخطيب


أهاجتك ذكرى من خليط ومعهد
سمحت لها بالدمع في كل مشهد
وعادك عيد من تذكر جيرة
نأوا بالذي أسأرته من تجلد
حنانيك من نفس شعاع ومهجة
إذا لم يحن من بعدهم فكأن قد
فكم دونهم من مهمه ومفازة
وأثباج بحر زاخر اللج مزبد
كأن لم يكن من قبل يومك عاشق
ولا واقف بالربع وقفة مكمد
ولا تسأل الأطلال بعد قطينها
فعفت جوابا بعد طول تردد
ومستنصر من دمعه غير ناصر
ومستنجد من ضره غير منجد
سوى عبرة تحدو ثقال سحابها
إذا ما ونت ريح الزفير المصفد
أسى النفس لا يقوى على رد فائت
فإن شئت فلتقلل وإن شئت فازدد
وما رجل الدنيا سوى متفطن
لنكرائها ماض مضاء المهند
إذا أقبلت بالخير لم تستفزه
وإن هي ضلت لم يقدها بمقود
فلا تقن ما يجني عليك ذهابه
وإن كان معتدا به ضر معتد
وخذ ما به جاد الزمان مسامحا
ولا تترك يوم السرور إلى غد
وسر في مراح الله مقتصر الخطا
وكن لنوال الله منبسط اليد
وإن راع دهر أو تنكر حادث
فلذ بحمى من عامر بن محمد
فتى الحي من هنتاتة جيرة الهدى
وخيرة أصحاب النبي الموحد
وكوكب أفق الغرب لم يبق بعده
وبعد ابنه من كوكب متوقد
رحيب مجال الفضل يكلف بالعلا
فما هو بالمصغي لقول المفند
ويطوي برود الملك فوق خلائق
تناسب خلق الناسك المتزهد
ومشتغل بالحزم يقدح زنده
إذا اشتغل الأملاك باللهو والدد
وضافي لباس المجد بالفضل مكتس
وبالفخر معتم وبالحمد مرتد
وتحتمل الركبان طيب حديثه
فيأتيك بالأخبار من لم تزود
ومرتقب الإقبال من كل وجهة
وأمر وللصنع الجميل معود
فوالله ما ندري أيمن نقية
ترف عليه أم سعادة مولد
تساس به الأقطار بعد ارتجاجها
وتدنو له الأقطار بعد تبعد
له جبل في ملتقى الهول عاصم
يناول من يحتله النجم باليد
ورأي إذا ما جهزت عنه راية
كفى سعدها عن كل جند مجند
يرى الأمر في أعجاز صدوره
بعين البصير الألمعي المسدد
أليس من القوم الذين علاهم
مخلدة واستشهد الكتب تشهد
مآثرهم في الدين غير خفية
فهم كالنجوم الزاهرات لمهتد
خلائف عبد المؤمن الملك الذي
بسر من المهدي قد كان يهتدي
ودوخ أكناف البسيطة بعده
وأعلن بالتوحيد في كل مسجد
وأبناؤه من بعده أعملوا الظبا
وأمضوا سيوف الله في كل ملحد
فسل إن أردت الأرك إذ غصت الربا
بكل عميد بالرغام موسد
فمن ذا له كالقوم إن شئت في ندى
وباس وفي فضل وفي صدق مشهد
لئن زينوا الدنيا بزهر وجوههم
لقد زينوا بالذكر كل مجلد
وأبقوا ثناء عاطرا فكأنما
نسيم الصبا هبت على الزهر الندي
أبا ثابت لا زال سعدك ثابتا
وجودك يروي ورده غلة الصدى
ولا زلت قطبا تستدير به العلا
كما دارت الأفلاك حول المجدد
رفعت بناء الملك لما تمايلت
دعائمه فوق الأساس الموطد
وأصرفته لما دعاك على النوى
وواصل ترجيع النداء المردد
بكل صقيل المتن سال خليجه
ولكن حكم القين قال له اجمد
يرى بنحول الحد شيمة عاشق
ويكذب خداه بخد مورد
وملتفت عن أزرق اللحظ قد حكى
به العلق المحمر مقلة أرمد
شكا مرة الألحاظ في حومة الوغى
فوافاه ملتف الغبار بأثمد
وكل شهير العتق أشرف جيده
وقام على ملمومة من زبرجد
إذا ما تغنى بالصهيل مرجعا
سمعت به صوت الغريض ومعبد
تألق عن برق الدجنة كلما
تبسم في قطع من الليل أربد
وجددت نصر الجد في ابن ابنه اللذي
رعيت له حق الذمام المؤكد
ولم تأت بدعا في الوفاء وإنما
شفعت الذي أسلفت في القوم من يد
ويأبى لك المجد الذي أنت أهله
على الدهر إلا أن تتمم ما بدي
وعدت يجر الملك خلفك ذيله
وفي حكمك العليا تروح وتغتدي
ويعتد منك الملك والدين والورى
بكافي الدواهي والهمام المؤيد
وسوغك العقد السعيد مسرة
وهنأك الأملاك أعذب مورد
شددت بعهد الملك أزر مجادة
توارثتها عن أوحد بعد أوحد
ومثلك من يرمي بهمته العلا
ويرفع أعلام الثناء المجدد
ويحي من التوحيد رسما يعيده
لخير اجتماع الشمل بعد تبدد
عقيلة ملك فزت منها بطائل
عزيز على النفس الكريم الممجد
يزر عليها هوج الملك هالة
يدور عليها كل غفر وفرقد
فلو أنصفت فوق العيون ابتغوا لها
طريقا فتمشي فوق صرح ممرد
وفي نسبة الأشياء يظهر حسنها
موحدة زفت لخير موحد
فهنأك الله الإياب ولا انقضت
سعودك تترى بين مثنى وموحد
وقابل صنيع الله فيك بشكره
وراقبه حال السر والجهر تحمد
فيا هضبة العليا ويا مزنة الندى
ويا مفخر الدنيا ويا قمر الندى
ويا عدة الملك المريني كلما استجار به
في الأمس واليوم والغد
ركضت إليك الجرد أفلي بها الفلا
وأدرع منها فرقدا بعد فرقد
يطير بها الشوق الحثيث فينبري
لمثواك منها كل سهم مسدد
ولو هاج عزمي من سواك وصاح بي
لآثرت سيما العاجز المتبلد
وما كنت أرضى أن أنال ذريعة
أكد لها نفسي وأكذب مقصدي
وأقتحم الأخطار والأرض تلتظي
وألتهم الأقطار والهول يغتدي
ولو أن شمس الجو أو قمر الدجى
يعودان في هضبي لجين وعسجد
ولكنه ود وحسن تخير
قضى لك مني بالثناء المخلد
جعلتك بين الناس حظي الذي سمت
لإحرازه نفسي وطبعي منجدي
وحرك عزمي أن أزورك قاعدا
على فرس العز الأصيل المجدد
ليخلص تأميلي إليك ووجهتي
وبيرأ عزمي من سواك ومقصدي
فلا تنس لي هذا الزمام فإنه
لخير ذمام قد وصلت به يدي
أجار علاك الله من كل حادث
ولا زلت في سعد على الدهر مسعد
وأحيا أبا يحيى لعينك قرة
قريعك في حزم وعزم وسؤدد
مؤمل أبنائي ومظهر دعوتي
ولولا اتقائي عتبه قلت سيدي
ولا زلت تجني كلما اشتجر الوغى
جنى النصر من غرس القنا المتقصد
وكثر من حسادك الله إنه
إن الله أنمى خيره إليك تحسد