أنا في هواكم مطلق ومقيد
المظهر
أنا في هَواكم مُطْلَقٌ ومُقَيَّدُ
أنا في هَواكم مُطْلَقٌ ومُقَيَّدُ
وبقُرْبكم أجدُ الحياةَ وأفْقِدُ
إنْ تعطفوا فهو المنى أو تهجروا
فحسىً تذوب ولوعةٌ تتوقد
يا دمعَ عينيّ المراق له دمي
ما لي على الزفرات غيرك مسعد
ولقد وجدت الوجد غير مفارقي
وفقدت صبري وهو مما يفقد
لا تسألوا عن حالِ صبٍّ بعدكم
لا يومه يومٌ ولا غدهُ غدُ
لا دمعه يرقا ولا هذا الجوى
بفنى ولانار الجوانح تخمد
وأنا المريض بكم فهل من ممرض
غير الصبابة فلتعدني العوَّدُ
بنتم فما للمستهام على النوى
جلدٌ يقرّ بمثله المتجلد
هلاّ وقفتم يوم جدَّ رحيلكم
مقدارَ ما يتزود المُتَزَوِّد
أشكوكم ما بي وإن لم تسمعوا
وأريكُم وَجدي وإنْ لم تشهدوا
ولكم أقول لكم وقد أبعدتم
يا معبدون بحقكم لا تبعدوا
ساروا وما عطفوا عليَّ بلفتةٍ
ولربّما انعطف القوم الأملد
أتبعتهم نظري فكان وراءهم
يقفو الأحبَّة أغوروا أو أنجدوا
يا أخت مقتنصِ الغزال لقد رمى
قلبي بناظره الغزال الأغيدُ
ومن القدود كما عليمت مثقف
ومن النواظر في الفؤاد مهند
لم أنسَ لا نسيت ليالينا التي
كان السرور بعودها يتجدد
والربع مبستم الأقاح تعجباً
منها وبانات النقا تتأوّد
لو أبصرتْ عيناك جامدَ كأسنا
لرأيت كيف يذاب فيها العسجد
في روضةٍ سُقِيت أفاويق الحيا
فالبانُ يرقصُ والحمام يغرّد
تُملي من الأوراق في ألحانها
كقلائد العقيان فيه محاسن
يَحكي سَقيطُ الطلِّ في أرجائها
دُرَراً على أغصانها تَتَنَضَّد
يا دارنا سَحَبَتْ عليك ذيولها
وطفاءُ تُبرقُ ما سقتك وترعد
هل أنت راجعة كا شاء الهوى
والعيش أطيبُ ما يكون وأرغد
ذَهَبَتْ بأيام الشباب وأعْرَضَتْ
عنّي بجانبها الحسان الخرد
ويلُ أمّ نازلةِ المشيب فإنَّها
كادَت يَشيبُ لها الغراب الأسود
ذهب الشباب فما يقول معنِّفٌ
في القلب منه حرارة لا تبرد
من بعدما طال المقام فأقصروا
عنّي الملام فصوّبوا أم صعّدوا
ذهب الزمان بحلوه وبمره
ومضى المؤَّمل فيه والمستنجد
فانظر بعينك هل يروقُك منظر
بعد الذين تفرقوا وتبددوا؟
إنَّ الجميلَ وأهله ومحلَّه
وأبو الجميل ابن الجميل محمد
حَدِّث ولا حرجٌ عليك فإنّما
خيرُ الكرام إلى أعلاه يسند
وأعِدْ حديثك وکشف في ترداده
قلباً يلذُّ إليه حين يردَّد
المسبغ النعماء ليس يشوبها
مَنُّ ولا فيما يؤمل موعد
هذا أبيُّ الضّيم وابنُ أباته
والبيض تركع والجماجم تسجد
يُهنِ القويّ بقوة من بأسه
وإلى الضعيف تحنن وتودد
تفري برأيك غير ما تفري الظبا
فالرأي منصلتٌ وسيفك مغمد
يعدُ الأماني من نداه بفوزها
ويريعُ منه الأخسدين تَوَعَّد
ممَّن إذا تُلِيَتْ عليه قصيدةٌ
صدق القصيد وفاز فيه المقصد
كم قرَّبت لي فيه آمالي به
أملاً يشقُّ على سواه ويبعد
فرأيت من معرفة ما لابرى
وَوَجَدْت من معناه ما لا يوجد
وإذا أفادك جاهه أو ماله
فهناك عِزُّ يستفاد وسؤدد
شيدت معاليه وطال علاؤه
إنَّ المعالي كالبناء تشيّدُ
كم من يدٍ بيضاء أشكرها
نعمٌ تعدُّ ولم تزل تتعدد
ولكم وَرَدْتُ البحرَ من إحسانه
لا ماؤه ملحٌ ولا هو مزبد
فوردت أعذب فهلٍ من ماجد
لي مصدرٌ عن راحتيه ومورد
مستودع فيما يثيب مثابه
بخزائن الله التي لا تنفد
أمزيلَ نحس الوافدين بسعده
شقيتْ بك الحساد فيما تسعد
حتّى علمت ولم أكن بك جاهلاً
يا ثالثَ القمرين أنَّك مفرد
إنّي ربيبُ وأبيك وابن جميله
واللَّه يَعلم والخلائق تشهد
إنْ تولدوا من صلب أكرم والد
فكذلك الأخلاق قد تتولد
من محتد زاكي العناصر طيب
طابت عناصرهم وطاب المحتد
هم عوّدوا الناس الجميل وإنّهم
تجري عوائدهم على ما عوّدوا
إنّي لأعهد بعد فقد أبيهم
ما كنت منه قبل ذلك أعهد
قد كان عز المسلمين ومجدهم
وعياذهم وهو الأعزُّ الأمجد
ومخلّد الذكر الجميل إلى مدىً
يبقى وما في العالمين مخلَّد
كقلائد العقبان فيه محاسن
جيد الزمان بعقدها يتقلد
جاد الغمام على ثراه فإنَّه
لأبرُّ من صوب الغمام وأجود