أمن أجل من سارت بهن الأباعر
المظهر
أمِن أجلِ مَن سارتْ بهنَّ الأباعرُ
أمِن أجلِ مَن سارتْ بهنَّ الأباعرُ
ضُحىً والهَوى فيهنَّ قلبُك طائرُ؟
جزعتَ لأنْ غابوا وتلك سفاهةٌ
تُلامُ بها لو أنَّ لُبَّك حاضرُ
و لما جحدتُ الحبَّ قال خبيره:
إذا كنتَ لاتهوى فلِمْ أنتَ زافرُ
يلومونني والحبُّ عنديَ دونهمْ
ومن أينَ للمشتاقِ في النّاس عاذرُ
أيا صاحِ في الربعِ الذي بان أهلهُ
كأنهمُ سربٌ على الدوَّ نافرُ
فلا الرَّبعُ فيه منهمُ اليومَ رابعٌ
و لا سمراتُ الجزعِ فيهنّ سامرُ
أعِنِّي غداةَ البينِ منك بنظرةٍ
فقد عَشِيَتْ بالدَّمعِ منَّا النَّواظرُ
وسرَّك فاكتمْهُ عليك وخلِّنا
فقد ظهرتْ بالبين منا السرائرُ
و قل لحبيبٍ خاف مني " ملالةً "
محلُّك من قلبي مَدى الدَّهر عامرُ
فللّهِ يومُ الشِّعب قلبي وقد بدَتْ
منَ الشِّعبِ أطلاءٌ لنا وجآذرُ
وفي السِّرْبِ ملآنٌ منَ الحسنِ مُتْرَعٌ
أوائلُ قلبي عندَهُ والأواخرُ
أجود عليه بالمنى وهوَ باخلٌ
وآتي وصالاً بينَه وهْوَ هاجرُ
أحبُّ الثَّرى النجديَّ فاحَ بعَرْفِه
إلى الركبِ رجراجُ العشياتِ مائرُ
و يعجبني والناعجاتُ مشيحةٌ
خيالٌ من الزوراءِ في الليل زائرُ
يزورُ وأعناقُ المطيِّ خواضعٌ
كلالاً " وأحشاها ظوامٍ " ضوامرُ
إلى ملكِ الأملاكِ أعملتُ مادحاً
قوافيَ تنتابُ العلا وتزاورُ
نوازعَ لا يدنو الكلالُ وجيفها
و لا " بتشـ ـكى " أينهنَّ المسافرُ
حَملن إليه من ثنائي بفضلهِ
و إنعامه ما لا تقلُّ الأباعرُ
إلى حيث حلّ المجد جما عديدهُ
وحيثُ يكونُ السُّؤدُدُ المتكاثرُ
فأنت الذي أوليتني النعمَ التي
تغيبُ النجومُ الزهرُ وهيَ ظواهرُ
غرائبُ لم تَسبقْ إليهنَّ فِكرةٌ
ولا أحضَرَتْها في القلوبِ الضَّمائرُ
عرفتُ بهنّ الناسَ لما أصبنني
فبانَ صديقٌ أو عدوٌّ مُكاشِرُ
كأنّ الذي يثنى بهنّ وما وفى
بمبلغهنّ كافرٌ وهوَ شاكرُ
و قبلك ما فتُّ الملوكَ فلم يكن
لتيجانِهمْ من نَظْمِ لفظي جواهرُ
و ما كان تاج الملةِ احتلّ سمعهُ
قريضي ولم يشعرْ بأنيَ ششاعرُ
إلى أن مضى عني ومن كان بعده
و سارت بتقريضي علاكَ السوائرُ
ثناءٌ حدته من " علاك " كرائمٌ
ثقالٌ على الأعناق غُرٌّ غرائرُ
كأنِّيَ أَنْثوهُنّ ربُّ لَطيمةٍ
تَجَعْجَعَها في سوقِ دارِينَ عاطِرُ
فهبْ ليَ مافرَّطتُ فيهِ وما مضَتْ
ضَياعاً به عنّي السِّنونُ الغوائرُ
ودونَكَ منِّي اليومَ كلَّ قصيدةٍ
مهذبةٍ قد ثقفتها الخواطرُ
إذا أُنشدتْ قال المُصيخون: هكذا
تنظمُ في أهلِ الفخار المفاخرُ
وقد علمَ المغرورُ بالملك أنَّكم
سِدادٌ له ممَّنْ سِواكُم وحاجرُ
و أنكمُ من دونهِ لمريغه
رماحٌ طِوالٌ أو سيوفٌ بواتِرُ
فكمْ مزقتْ أشلاءَ قومٍ تطامحوا
إلى الملكِ أنيابٌ لكمْ وأظافرُ
ودونَ الثَّنايا المطلعاتِ إلى الذُّرا
ذُرا المُلِكِ مفتولُ الذِّراعين خادِرُ
يصرِّفُ أحياءَ الوَرى وهْوَ وادعٌ
و يطرقُ إطراقَ الكرى وهو ناظرُ
وتصبحُ في فَجٍّ منَ الأرض دارُهُ
وفي أُذُنِ الآفاقِ منه زماجرُ
مهيبٌ فلا تلوى عليه حقوقه
مطالاً ولا تعصى لديه الأوامرُ
ويركبُ أثباجاً منَ الأمر لم يكُنْ
ليرْكَبَها إلاّ الغلامُ المخاطرُ
ومُغبَّرةِ الآفاقِ بالنَّقعِ لا يُرَى
بأرجائها إلاّ القَنا المتشاجرُ
و إلاّ يدٌ تهوي إلى القرن بالردى
و إلاّ دمٌ من عاملِ الرمحِ قاطرُ
تَبلَّجتَ فيها والوجوهُ كواسِفٌ
وأقدَمْتَ بأساً والنُّفوسُ حواذرُ
وقُدتَ إليها كلَّ جرداءَ سَمْحةٍ
لها أولٌ في السابقاتِ وآخرُ
إذا أُرْسِلتْ في الخيلِ تَعْدو إلى مدىً
تُحاضرُ حتى لاتَرى مَن تحاضِرُ
فلا أوحشَتْ منك الدِّيارُ ولاخَلَتْ
محافلُ من أسمائكمْ ومنابرُ
و ضلتْ صروفُ الدهرِ عنك " وحاذرتْ "
رباعك أن تعتادهنّ المحاذرُ
تروح وتغدو في الزمان محكماً
وتَجري بما تَهواهُ فينا المقادِرُ
ويَفديك مَن لا يُرتَجى لِمُلَّمةٍ
ولاهوَ فيما أنتَ تصبرُ صابرُ
تموهَ دهراً لومه ثم صرحتْ
به النفسُ إذ ضاقتْ عليه المعاذرُ
و هنئتَ يومَ المهرجانِ فإنه
زمانٌ " كزهر الروض " أخضرُ ناضرُ
توسَّطَ في قُرٍّ وحَرٍّ فخلْفَهُ
وقُدَّامَه ظهائرٌ وصَنابرُ
و دمْ مستقرَّ العزَّ مستوفزَ العدى
فأُمُّ زمانٍ لا يسرُّك عاقرُ