أما سمعت حمام الأيك إذ صدحا
المظهر
أما سمعتَ حَمامَ الأيْكِ إذْ صَدَحا
أما سمعتَ حَمامَ الأيْكِ إذْ صَدَحا
غنىَّ ولم يدرِ أني بعضُ منْ جرحا؟
لم أقترحْ منه ما غنَّى الغداةَ بهِ
و ربّ منْ نال " ما " يهوى وما اقترحا
و لي جفونٌ من البلوى مسهدةٌ
لا تعرفُ الغمضَ مما ترقبُ الصبحا
فقلْ لممرضِ قلبي بعد صحتهِ
إنَّ السّقيمَ الّذي أدويتَ ما صَلُحا
قد جَدَّ بي المزحُ من صَدٍّ دُهيتُ بهِ
وطالما جدَّ بالأقوامِ من مَزَحا
ماذا على القلبِ لولا طولُ شِقْوتِهِ
مِنْ نازلٍ حلَّ أو من نازحٍ نَزَحا
يا مُثْكِلي نومَ عينٍ فيهِ ساهرةٍ
جَفْني عليك بدمعي فيك قد قُرِحا
وفيَّ ضِدّانِ لا أسطيعُ دَفْعَهُمَا
نارٌ بقلبي وماءٌ بالهَوى سَفَحا
و قد عذلتمْ فؤاداً بالهوى كلفاً
لو كان يقبل نصحاً للذي نصحا
صَحا الّذي يشربُ الصَّهْباءَ مُتْرَعةً
وشاربُ الحبِّ أَعيا أنْ يُقالَ: صَحا
لم يبرحِ الوجدُ قلبي بعد أن عذلوا
على صَبابتِهِ لكنَّه بَرِحا
وقد ثَوى أُمَّ رأسي للصَّبابةِ ما
ما يغرى بمعصيتي منْ لامني ولحا
ليتَ الفراقَ الذي لا بدّ أكرعُ منْ
كاساتهِ الصبرَ صرفاً لا يكون ضحا
و ليت أدمَ المهاري الناهضات بما
تَحوي الهوادجُ كانت رُزَّحًا طُلُحا
طوَوْا رحيلَهُمُ عنِّي فنمَّ بهِ
عَرْفُ اليَلَنْجوجِ والجادي إذا نَفَحا
وقد طلبتُ ولكنْ ما ظَفِرتُ بهِ
منَ الفراقِ الّذي أَمُّوه مُنْتَدَحا
أهوى من الحيَّ بدراً ليس يطلعُ لي
يوماً وظبىَ فلاةٍ ليته سنحا
أَبَتْ ملاحَتُهُ من أنْ يجودَ لنا
فليتهَ في عيونِ العشقِ ما ملحا
و كان لي جلدٌ قبلَ الغرامِ به
فالآن أفنى اصطباري وجدهُ ومحا
و زائرٍ زارني والليلُ معتكرٌ
و الصبحُ في قبضةِ ما وضحا
كأنَّهُ كَلِمٌ راعَتْ وليس لها
معنىً ولمعةُ برقٍ خلبٍ لمحا
لو أنه زارني والعينُ ساهرةٌ
أعطيتُه من نصيبِ الشُّكرِ ما اقترحا
أعطى إلى العين مني قرةً وأتى
قلبي فأذهبَ عنه الهمَّ والترحا
زورٌ أبيتُ به جذلانَ منتفعاً
و كم من الزورِ ما طرنا به فرحا
وباتَ يسمحُ لي منه بنائِلِهِ
لكنه راجعٌ فيما بهِ سمحا
يا صاحبي إنْ تردْ يوماً موافقتي
فقد بلغتَ بيَ الأوطارَ والنُّجَحا
جنبنيَ اللهوَ في سرٍّ وفي علنٍ
وعاطِ غَيري إذا غنَّيتَه القَدَحا
و لا تهبْ بي إلى ثنييْ بلهنيةٍ
واجعلْ نِداءَك لي من فادحٍ فَدَحا
فلستُ أفرحُ إلاّ بالذي مدحتْ
مني الرجالُ فلا تطلبْ ليَ الفرحا
وكنْ إذا اصطبَحَ الأقوامُ في طَرَبٍ
بالمجدِ مغتبقاً والحمدِ مصطحبا
منْ لي بحرٍّ من الأقوامِ ذي أنفٍ
يَنْحو طريقي الذي أنحوهُ حينَ نَحا
تراهُ والدَّهرُ شَتَّى في تقلُّبِهِ
لا يقبلُ الذُّلَّ كيما يقبلُ المِنَحا
و إنْ مضى لم تعجهُ الدهرَ عائجةٌ
ولا يُقادُ إلى الإقدامِ إنْ جَنَحا
حلفتُ بالبيتِ طافتْ حوله عصبٌ
مِن لاثمٍ ركنَه أو ماسحٍ مَسحا
و البدنِ حلتْ ثرى جمعٍ وقد " ودجتْ "
وإنَّما بلغَ الأوطارَ مَن رَزَحا
و بالحصياتِ يقذفنَ الجمارُ بها
و بالهدى على وادي منى ذبحا
و شاهدي عرفاتٍ يومَ موقفهمْ
يَسْتصفحون كريمًا طالما صَفَحا
لقد حللتُ من العلياءِ أفنيةٍ
ما حلها بشرٌ نحو العلا طمحا
و قد منحتُ وضلّ الناسُ كلهمُ
عنه طريقاً لطيبِ الذكر ما فتحا
كان الزمان بهيماً قبل أنْ منحتْ
فضائلي جلده الأوضاحَ والقرحا
و قد رجحتُ على قومٍ وزنتُ بهمْ
وما عليَّ منَ الأقوامِ مَنْ رَجَحا
فإنْ كدحتُ ففي عزٍّ أضنُّ به
و ضلّ منْ في حطامٍ عمره كدحا
ما زلتُ أسا وباقي الناسِ أبنيةٌ
وكنتُ قُطبًا وحولي العالمون رَحا
و أيُّ ثقلٍ وقد أعيا الرجالَ على
ظهري الذي حمل الأثقال ما طرحا؟
وسُدْتُ قَوميَ في عصرِ الصِّبا حَدَثًا
و لم يسودوا مشيباً لا ولا جلحا
فكمْ قدحتُ وأضرمتُ الورَى لَهبًا
و كمْ من الناس قد أكدى وما قدحا
فقلْ لقومٍ غرستُ البِرَّ عندَهُمُ
فما رَبحْتُ وكم من غارسٍ رَبِحا:
ليتَ الّذي غرَّ قلبي من تجمُّلكُمْ
ما سال فينا له وادٍ ولا رشحا
وليتني لم أكن يومًا عرفْتُكم
و كنتُ منكمْ بعيدَ الدار منتزحا
قد عاد صدريَ منكمْ ضيقاً حرجاً
و كان من قبل أنْ جربتُ منشرحا
فلا تروموا لِوُدِّي أوْبَةً لكُمُ
إنّ الجوادَ جوادَ الودَّ قد جمحا
طرحتموني كأنّي كنتُ مُطَّرَحًا
و لمتموني كأني كنتُ مجترحا
وخلتُ أنَّكُمُ تجزونَني حَسَنًا
فالآن أوْ سعتموني منكمُ القبحا
فلا تَظنُّوا اصطلاحًا أنْ يكونَ لنا
فلمْ يدعْ ما أتيتُمْ بيننا صُلُحا
و لو جزيتكمُ سوءاً بسوءتكمْ
لكنتُ أنْبِحُ كلبَ الحيِّ إنْ نَبَحا
و لا سقتكمْ من الأنواءِ ساقيةٌ
و لا نشحتمْ إذا ما معشرٌ نشحا
ولا يَكُنْ عَطَنٌ منكُمْ ولا وَطَنٌ
مُتَّسعًا بالّذي تَهْوَوْنَ مُنفسِحا
و لا لقيتمْ بضراءٍ لكمْ فرجاً
ولا أَصَبتم بسرّاءٍ بكُمْ فَرَحا