انتقل إلى المحتوى

أما ترى الربع الذي أقفرا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أما ترى الرَّبعَ الّذي أقفرا

​أما ترى الرَّبعَ الّذي أقفرا​ المؤلف الشريف المرتضى


أما ترى الرَّبعَ الّذي أقفرا
عراهُ من يرب البلى ما عرا؟
لو لم أكنْ صبّاً لسكّانهِ
لم يجرِ من دمعي له ماجَرى
رأيته بعد تمامٍ له
مقلباً أبطنهُ أظهرا
كأنّني شكّاً وعِلماً بهِ
أقرأ مِن أطلالهِ أسطُرا
وقفتُ فيه أينُقاً ضُمرّاً
شذب من أوصالهنّ السرى
لي بأناس شغلٌ عن هوىً
و معشري أبكى لهم معشرا
أجلْ بأرض الطفّ عينيك ما
بينَ أناسٍ سُرْبلوا العِثْيَرا
حَكَّم فيهم بغيُ أعدائِهمْ
عليهم الذؤبانَ والأنسرا
تخال من لألاءِ أنوارهمْ
ليلَ الفيافي لهمُ مقمرا
صَرعى ولكنْ بعد أن صَرَّعوا
وقطَّروا كلَّ فتىً قَطَّرا
لم يرتضوا درعاً ولم يلبسوا
بالطعن إلاّ العلقَ الأحمرا
من كلّ طيانِ الحشا ضامرٍ
يركبُ في يوم الوغَى ضُمَّرا
قلْ لبني حربٍ وكم قَوْلةٍ
سطرها في القوم من سطرا
تهتمْ عن الحقّ كأنّ الذي
أنذركم في الله ما أنذرا
كأنَّه لم يَقرِكُمْ ضُلَّلاً
عن الهدى القصدَ بأمّ القرى
ولا تَدرَّعْتُم بأثوابهِ
من بعد أن أصبحتمُ حسرا
و لا فريتمْ أدماً " مرةً "
ولم تكونوا قطُّ ممَّن فَرى
وقلتُمُ: عنصرنا واحدٌ
هيهات لا قربى ولا عنصرا!
ما قدم الأصلُ امرءاً في الورى
أخره في الفرع ما أخرا
وغرَّكُم بالجهل إمْهالُكم
وإنَّما اغترَّ الَّذي غُرِّرا
حلأَّتُمُ بالطفّ قوماً عن الْـ
ـماءِ فحُلِّئْتُمْ به الكَوْثرا
فإنْ لَقُوا ثَمَّ بكم مُنكَراً
فسوف تَلْقَون بهم مُنكرا
في ساعة يحكم في أمرها
جدهم العدل كما أمرا
و كيف بعتمْ دينكمْ بالذي أسـ
ـتَنْزره الحازمُ واستحقرا!
لولا الذي قدر من أمركمْ
وَجَدتُم شأنَكمُ أَحقر
كانت منَ الدَّهرِ بكم عثرةٌ
لا بدّ للسابق أن يعثرا
لاتفخروا قطُّ بشيءٍ فما
تركتُمُ فينا لكم مَفْخرا
ونِلتموها بَيعةً فَلتةً
حتّى ترى العينُ الّذي قُدِّرا
كأنَّني بالخيل مثلُ الدُّبى
هبتْ به نكباؤه صرصرا
وفوقَها كلُّ شديدِ القُوى
تخاله من حنقٍ قسورا
لا يمطرُ السمرَ غداةَ الوغى
إلاَّ برشَّ الدمِ إنْ أمطرا
فيرجعُ الحقُّ إلى أهلهِ
و يقبلُ الأمر الذي أدبرا
ياحججَ اللهِ على خلقهِ
و من بهم أبصرَ من أبصرا
أنتمْ على الله نزولٌ وإن
خالَ أُناسٌ أنكمْ في الثَّرى
قد جعل الله إِليكمْ كما
علمتُمُ المبعثَ والمحشرا
فإِن يكنْ ذنبٌ فقولوا لمن
شفعكمْ في العفو أن يغفرا
إذا توليتكمُ صادقاً
فليس منِّي ”مُنكَرٌ” مُنكِرا
نَصرتُكمْ قولاً على أنّني
لآملٌ بالسيفِ أن أنصرا
وبينَ أضلاعيَ سِرٌّ لكمْ
حوشيَ أن يبدو وأن يظهرا
أنظرُ وقتاً قيل لي بُحْ به
و حقّ للموعود أن ينظرا
وقد تبصَّرتُ ولكنَّني
قد ضقتُ أن أكظم أو أصبرا
و أيُّ قلبٍ حملتْ حزنكمْ
جَوانحٌ منه وما فُطِّرا
لاعاشَ مِن بعدكُمُ عائشٌ
فينا، ولا عُمِّرَ مَن عَمَّرا
و لا استقرت قدمٌ بعدكم
قرارةً مَبْدى ولا مَحضَرا
و لا سقى اللهُ لنا ظامئاً
من بعد أن جنبتمُ الأبحرا
و لا علتْ رجلٌ وقد زحزحت
أرجُلُكمْ عن مَتْنهِ مِنْبرا