انتقل إلى المحتوى

ألا هكذا فليسم للمجد من سما

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ألا هكذا فليسم للمجد من سما

​ألا هكذا فليسم للمجد من سما​ المؤلف ابن دارج القسطلي


ألا هكذا فليسم للمجد من سما
ويحم ذمار الملك والدين من حمى
وإلا فللمنصور غايات ما شآ
إليه بني الدنيا وأغراض من رمى
وحق لمن لاقى فأقدم سيفه
على غمرات الموت أن يتقدما
ومن حقرت مستعظم الهول نفسه
إذا الخيل كرت أن يكون المعظما
ومن مل أنس المال حتى تحكمت
على ما حوت كفاه أن يتحكما
ومن حمت العلق النفيس سيوفه
من الضيم أن تختار مرتبع الحما
ومن تيمته أوجه المجد أن يرى
وقلب العلا صبا إليه متيما
ولله يا منصور آراؤك التي
بنيت بها نحو الكواكب سلما
وهذا عظيم الشرك قد جاء خاضعا
وألقى بكفيه إليك محكما
سليل ملوك الكفر في ذروة السنا
ووارث ملك الروم أقدم أقدما
توسط أنساب القياصر فانتمى
من الصيد والأملاك أقرب منتمى
ولما تقاضى غرب سيفك نفسه
وحاطت له الأقدار محتقن الدما
ولم يستطع نحو الحياة تأخرا
بفوت ولا نحو النجاة تقدما
تداركه المقدار في قبضة الردى
وخاطبه حنا عليه فأفهما
وبشره التأميل منك بعطفة
تلقى بها روح الحياة تنسما
فأشرع أرماح التذلل ظاعنا
وأصلت أسياف الخضوع مصمما
وقابله النصر الذي لك صفوه
مع السعد حتى احتازه لك مغنما
وقاد لحبل الرق نحوك نفسه
فلاقاك ممتنا ووافاك منعما
وحفت به للحاجب القائد الذي
أبى الدهر إلا ما أمر وأحكما
حماية آباء ومنعة قادر
يتيه على صرف الزمان محرما
فراح ذليلا ثم أضحى مبجلا
وأمسى مهانا ثم أصبح مكرما
وأصبح من حظ السلامة وافرا
بأن راح من عز الإمارة معدما
ولاقاك فاستخذى لديك تذللا
ليحتاز من أدنى رضاك ترحما
لئن خفرته منك ذمة قادر
لقد فارق الكفر الخذول مذمما
لئن سمته البأساء في عقر داره
لقد عضته في دار ملكك أنعما
لئن خاض في استقبالك الجود والندى
لقد خاض في آثارك النقع والدما
ومر يبكي من معاهد ملكه
معالم عفتها السيوف وأرسما
تراع بها الأجبال من رنة الصدى
ويذعر فيها الطير أن يترنما
بسطت له أمنا وقد بسط القنا
ثرى أرضه من هلها بك أعظما
سقيت به الإسلام أريا وطالما
سقاهم بكأس الموت صابا وعلقما
وها هو ذا في راحتيك مذللا
رهينا لما أمضيت فيه محكما
رمى نفسه قسرا إلى الملك الذي
رأى الدهر مملوكا له فتعلما
ولولا سيوف النصر حين انتضيتها
لقد جل هذا الصنع أن يتوهما
فجاء وقيد الروع يقصر خطوه
ويمتد في حبل الخضوع تقدما
يخاطب عن رعب وإن كان مفصحا
ويفصح عن ذعر وإن كان أعجما
إذا راعه هول الجنود فأحجما
تداركه ذكرى رضاك فأقدما
وما كر رجع الطرف إلا وضيغم
يساور في رعب الأسنة ضيغما
وأرقم يسطو بالهواء اضطرابه
يناهس في ليل من النقع أرقما
وعقبان أعلام تمر يخالها
على نفسه في معرك الحرب حوما
فلله يوم جل قدر عديده
وعدته عن مثلما وكأنما
جنود كأن الأرض من لمعانها
بروق تلالا أو حريق تضرما
سحاب من البيض الخوافق قد علا
وبحر من السرد المضاعف قد طمى
بكل كمي عامري كأنما
تسربل من شمس الضحى وتعمما
يحيي الأمير بالحياة مبشرا
وإن كان قد فاجاه بالموت معلما
وقد طالما لاقاه قرنا مساورا
فوشكان ما لاقاه حزبا مسلما
كأن النجوم الزهر حفت بوجهه
فأدته محروسا إلى قمر السما
فقابل وجها بالجمال متوجا
وقبل كفا بالسماح مختما
فهنيت يا منصور سعدا مجددا
وإقبال صنع بالبقاء متمما
ومليت من أسباط مجدك حاجبا
يباشر منه المجد والفخر مقدما
رميت به بحر الضلالة فانتهى
وجشمته عبء العلا فتجشما