انتقل إلى المحتوى

ألا طرقت موهنا مهدد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ألا طرقت موهناً مهدد

​ألا طرقت موهناً مهدد​ المؤلف بشار بن برد


ألا طرقت موهناً مهدد
وَقَدْ غَوَّرَ الْكَوْكَبُ الْمُنْجِدُ
أَلَمَّتْ بِمَلْمُومَةٍ كَالْقَنَا
وَفِتْيَانِ حَرْبٍ لَهُمْ تُوقَدُ
فبتُ أحيا بموجودةٍ
مَع اللَّيْلِ تصبح لا تُوجَد
ألاَعِبُ غُولاً هَدَاهُ الكَرَى
إلينا تشطّ وتستورد
فلما صحوت ولم ألقها
صحَوْتُ وقلْبِي مُقْتَصد
أُقَلِّبُ هَمًّا بها جاثِماً
وعَيْنَيْن رِعْيَتُها الفَرْقَدُ
فَيَا حَزَناً بعْدَ جِنِّيَّةٍ
عليها القلائِدُ والمِسْجَد
ويا كبداً ليس منها لنا
نوال ولا عندها لي يد
سِوَى شوْقِ عَينِي إلى وَجْهِهَا
وأنِّي إِذا فارَقَتْ أَكْمَدُ
بَكَيْتُ مِنَ الدَّاءِ داءِ الهَوى
إِليها وأنْ ليس لي مُسْعِدُ
وقد عدت صفداً في غدٍ
وكم وعدتك ولا تصفد
وإِنِّي على طُول إِخْلافِهَا
لأَرْجُو الوَفَاء ولا أحْقدُ
إذا أخلف القوم ظني بها
وكانَ لَها فِي غدٍ مَوْعِدُ
صبرتُ على طلق آيايها
حِفَاظاً وصبْرُ الفَتَى أَعْوَدُ
وما ضن يوم بداء الهوى
مُحِبَّاً إِذا مَا سَقَاهُ الغَدُ
وليْلةِ نحْسٍ جُمادِيَّةٍ
إِذا نَسمَتْ رِيحُها تَبْرُدُ
أقَمْنَا لأَضْيَافِنا مرْقَداً
وما كل يومٍ لهم مرقدُ
وإني إذا ما عوى نابحٌ
وجَاشَ له بَحْرِيَ المُزْبِدُ
لأَرْمي نوافِذَ يَشْقَى بها
فرَاخُ اللئامِ ولاتَسْعَدُ
أحمادُ لست من أكفائنا
وَأَنْت امْرُؤ زعمُوا تَسْفِدُ
كفى عجباً معجباً أنني
أراكَ تَكَلَّمُ يَا عَجْرَدُ
وما كنت أحسبُ من داؤهُ
كدائك ينطق لا يخلد
جلست على الخز بعد الحفا
وأصْبَحْتَ في حَفَدٍ تُحْفَدُ
ونَازَعْتَ قَوْماً تُمَارِيهِمْ
فَيَا عَجَبَ الدَّهْرِ لا يَنْفَدُ
وما لك لا تحتبي جالساً
على العبقري وتستوفدُ
أَبُوكَ شَبيرٌ فَأكْرِمْ بِهِ
وفي استك ورد لمن تورد
وأمُّكَ منْ نسْوَةٍ هَمُّهُنَّ
أَشيبٌ ومفرقها يجمد
إذا سئلت لم تكن كزةً
ولكن تذوب ولا تجمد
ليالي إذا لم يرد بيتها
أَقَامَتْ تَذَكَّر مَنْ تُغْمد
إذا قدم الشربُ إبريقهم
ظَلِلْتَ لإِبْريقهمْ تَسْجُدُ
وَتَعْبُدُ رَأساً تُصَلِّي لَهُ
وأَمَّا الإِلهُ فَلاَ تَعْبُدُ
وتُظْهِرُ حُبَّ نَبيِّ الْهُدَى
وأنت به كافرٌ تشهدُ
وتشركُ ليلة شهر الصِّيام
حلالاً كما نظر الأربدُ
وما إن تزال على سوءةٍ
من ابْنكَ... لها تصمدُ
وبنتُك بلوا قشرتَ استها
مجوناً كما ينحتُ المبردُ
وَتَغْشَى النِّسَاءَ تُوَازي بهنَّ
ومن هَمِّكَ الحيّة الأَسْود
وإِنْ سَنَحَ الْخِشْفُ عَارَضْتَهُ
كَمَا انْدَفَعَ السَّابحُ الأَجْرَدُ
وإن قيل صل فقد أذنوا
زمعت كما يزمع المقعدُ
وإِنْ قَامت الحرْبُ عَرَّاضَةً
قَعَدْتَ وَحَرَّضْتَ مَن يَقْعُدُ
وإنْ جئْتَ يَوْماً إلَى زَلَّةٍ
أكلت كما يأكل القرهدُ
وإِنْ كُتِمَ السِّرُّ أَفْشَيْتَهُ
نَميماً كَمَا بَلَّغَ الهُدْهُدُ
فأنت المشقى وأنت الذي
بما قد سردت وما أسردُ
ستعلم لو قد بدا مئسمي
عَلَيْكَ وَغَنَّى بكَ المُنْشِدُ
ألوم ابن نهيا على أنه
يحبُّ الرُّقودَ ولا يرقد
وكيف ألوم امرأً باسته
عياءٌ من الدَّاء لا يُفقد
عَصَاني ابنُ نهْيَا فبُعْداً لَهُ
كما بعدَ النَّازح الأعقدُ
إِذَا نَالَ جَاهاً كَبَا تَحْتَهُ
كما يزحفُ الحيَّة الأربدُ
ويُعْطيكَ ذُلاًّ إِذَا رُعْتَهُ
كما ذل للقدم المربدُ
ويأخُذُ شِرَّةَ إِخْوَانِه
مفيداً كما يأخذ الأبعد
وتُبْعَدُ أنْ لم أَنِكْ أمَّه
وأما المثنَّى فلا يُبْعَدُ
لقد جال جُرْدانُه في کسْتها
كما جال في المقْلَة المِرْوَدُ