انتقل إلى المحتوى

ألا إن قلبي من بعدكم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ألا إنَّ قلبِيَ من بعدِكمْ

​ألا إنَّ قلبِيَ من بعدِكمْ​ المؤلف الشريف المرتضى


ألا إنَّ قلبِيَ من بعدِكمْ
أفاق وفارقنى باطلى
فأصبحتُ خلوَ ضمير الفؤاد
وقد كانَ في شُغُلٍ شاغلِ
وما لىَ يا قومُ تعريجةٌ
بذاتِ حلىٍّ ولا عاطلِ
ولا أنا أطمعُ في جائدٍ
ولا أنا أيْأَسُ من باخلِ
ولا بتّ أشتاق من صبوةٍ
إلى غاربٍ بالنّوى آفلِ
ولا كنتُ أحفلُ في بلدةٍ
مقيماً بمستوفزٍ راحلِ
ومن عجبٍ أنّ ذات السّوار
تواصلُ من ليس بالواصلِ
يُصبُّ بها يَمَنيُّ النِّجارِ
وتسكن وسطَ بنى وائلِ
وتعتاض من جانبٍ فاهقٍ
منَ الخِصْبِ بالجانبِ الماحِلِ
أَعيذُكَ من مُهبلاتِ الزَّمانِ
حَكمْنَ على الرَّجلِ العاقلِ
ومن نفحاتٍ عدون النّبيه
وعُجْنَ على منزلِ الخاملِ
ومن آنفٍ أضرعتْهُ الخطوبُ
حتّى تعرّض للنّائلِ
ومن كلمٍ جدَّ بالسّامعين
وجدّ عن المنطقِ الهازلِ
ومن طمعٍ للفتى خائبٍ
ومن أملٍ فى الغنى حائلِ
ومن صبوةٍ نحو مستقلعِ الـ
ـغروسِ وشيكِ النّوى زائلِ
ومن خدعٍ لبدور النّضار
وهبن المذلّةَ للسّائلِ
وقد علمَ القومُ أنِّي شَطَطْتُ
بسرحىَ عن مسقطِ الوابلِ
وأَجْمَعتُه يرتَعيهِ العدوُّ
نجاءً عن الخلقِ السّافلِ
ولمّا أنفتُ من الأَعطياتِ
رميتُ الوفىَّ على الماطلِ
فأصبحتُ عريانَ من منيةٍ
تسوق الهوانَ إلى الأملِ
أقولُ لقومٍ يودُّون أنْ
تصوب عليهمْ يدُ الباذلِ
فما شئتَ من ملطمٍ ضارعٍ
وماءِ حياءٍ لهم سائلِ:
إذا كانَ نفعُكمُ آجلاً
فلي دونَكمْ راحةُ العاجلِ