انتقل إلى المحتوى

ألا إن أمر الله أمر رسوله

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ألا إنَّ أمرَ الله أمرُ رسولهِ

​ألا إنَّ أمرَ الله أمرُ رسولهِ​ المؤلف محيي الدين بن عربي


ألا إنَّ أمرَ الله أمرُ رسولهِ
فإنَّ رسولَ اللهِ عنهُ يترجمُ
وما هوَ إلا واحدٌ بعدَ واحدٍ
يكونُ على شرعٍ بهِ اللهُ يحكمُ
وذلكَ عينُ الحقِّ في كلِّ شرعةٍ
ومنهاجهُ والكلُّ منهُ ومنهمُ
على حسبِ الوقتِ الذي يقتضي لهُ
فيطلبهُ حالاً كما جاءَ عنهمُ
فتختلفُ الآياتُ والأمر واحدٌ
فإنَّ الإله الحقَّ بالوقتِ أعلم
وأعجبُ منْ هذا الكلامِ بنظرةٍ
فيفهمُ عني ما أقولُ وأفهمُ
وما ثَمَّ لفظَ يدركُ السمعَ حرفُه
وأدري بأني ناطقٌ ومكلِّم
وما ثَم صوتٌ لا ولا ثم أحرف
كما قال قبلي ناظمٌ متقدِّم
تكلمُ منا في الوجوهِ عيوننا
فنحنُ سكوتٌ والهوى يتكلمُ
فألسنةُ الأحوالِ أفصحُ ناطق
لها يسمعُ القلبُ الذكيُّ ويفهم
علومُ رسولِ اللهِ ضربٌ منزهٌ
عنِ الحدِّ والتكييفِ والكلُّ معلمُ
وكلُّ كلامٍ من حروفٍ تعينتْ
مخارجُها يدريه عُرْبٌ وأعجمُ
سَماعاً ولا يدري الذي جاءهم به
إذا جهل للحن الذي هو مفهم
إذا حكم المجلّي عليه بصورة
فمستلزمُ أحكامها فهيَ تحكمُ
فلا تفزعنَّ إلا إليها فإنها
هي الحكم الأعلى الإمام المقدَّمُ
ألا من هنا قدْ جاءَ في أيِّ صورةٍ
يشاءُ إلهي ركَّب الخلقَ فاعلموا
إذا قلتُ ذا حقٌّ فقل بحقيقةٍ
بصاحبه إنَّ الحقائقَ تعصمُ
بذا نطقتْ أرسالهُ عنْ شهودها
وما منهمُ إلا رسولٌ محكم
وكيف يُرى حقٌّ بغيرِ حقيقة
لها في وجودِ الحقِّ حكمٌ مترجمُ
حقيقةُ عينِ الحقِّ رؤيةُ ذاتهِ
بها جوده يسدي إليَّ وينعمُ
وما كونُ حقي غيرَ كونِ حقيقتي
ولكنِّها الألفاظُ بالفرقِ توهمُ