انتقل إلى المحتوى

أشكو إلى قلبك يا سيدي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أَشكو إِلى قَلبِكَ يا سَيِّدي

​أَشكو إِلى قَلبِكَ يا سَيِّدي​ المؤلف إلياس أبو شبكة


أَشكو إِلى قَلبِكَ يا سَيِّدي
قَلباً ثَوى في حَظِّيَ الأَسودِ
أَطلَقتُه طِفلاً وَلما نَمى
أَصبَحَ مُحتاجاً إِلى مُرشِدِ
أَهكَذا كنتَ وَكانَ الهَوى
في عَهدِ سُلطانِ الصبا الأَيِّدِ
تنهجُ نَهجَ الطَيرِ في مَرجِهِ
لا تَنتَمي يَوماً لِغَيرِ الدَدِ
وَالمَرجُ بَسّامٌ بِأَزهارِهِ
لِنَشوَةٍ في طَرفِكَ الأَغيَدِ
يُريكَ ساعاتِكَ هزّاجَةً
وَيَكتُمُ اليَأسَ مَصيرُ الغَدِ
فَيلكسُ ما لِلحرِّ من راحَةٍ
في وَطَنٍ يَرتاحُ لِلأَعبُدِ
بَناتُه مُستَعبَداتٌ بِهِ
تُؤثِر أَن تُعزى لِمُستَعبَدِ
بَناتُه يا ويحَها من دمىً
جرَّدَها الظُلمُ من الأَكبُدِ
ذَوَّبَتِ الدُنيا بِأَجفانِها
رَحيقَ جَهلٍ أَكدَرٍ مُفسِدِ
وَغادَةٍ أَحبَبتُها ضَلةً
وَلم يَكُن قَلبي الفَتى في يَدي
أَحبَبتُ فيها ما يحبُّ النَدى
في خَطراتِ النُسَمِ الشُرَّدِ
ما اِستَحكَمَ القَلبانِ حَتّى مَضَت
تَلقي بِأَحلامِيَ في مَوقِدِ
وَاِنفَجَرَ البُركانُ حَتّى اِنثَنَت
تَدُبُّ نارُ اليَأسِ في مَرقَدي
فخفتُ أَن يُقضى عَلى عزَّتي
وَأَن يَعيثَ الخَزى لا يرتَدي
فَقُلتُ لِلقَلبِ اِنتَبِه إِنَّ لي
مجداً ثِياب الخَزي لا يَرتَدي
وَالمَرأةُ الحَسناءُ صَيّادَةٌ
تَصطادُ قَلبَ الباسِلِ الأَصيَدِ
ثائِرَةٌ كَالمَوجِ إِن تَلعِب
الأَرواحُ في طَيّاتِهِ يُزيدِ
لما رَأَتني مُلقِياً عَهدَها
عَلى ضحايا حُبِّها الأَربَدِ
وَاليَأسُ في عَينَيَّ مُستَحكِماً
لا يَرِدُ الآمالَ من مورِدِ
أَلقَت بواهي رَأسِها المُجهَدِ
عَلى بَقايا جَسدي الأَملَدِ
كَأَنَّها وَاليَأسُ يَعتادها
تَلقي بِأَشلاءٍ عَلى جَلمَدِ
أَوصَدتُ دونَ الحُبِّ قَلبي فَما
يَرجو الهَوى من قَلبِيَ الموصَدِ
بَينَ ضُلوعي حجرٌ بارِدٌ
رَميتُه في ظُلمَةٍ أَبرَدِ
خمسَةُ أَعوامٍ تَقَضَّت بِنا
بَينَ عذابٍ مجحفٍ مُلحدِ
حسبتُها من فَرط أَثقالِها
خَمسَةَ أَجيالٍ بِصَدري النَدي
أَقعَدَني عَن نَيلِ مُستَقبَلي
همٌّ وَلَولا الهَمُّ لم أَقعُدِ
وَيلُ الشَبابِ الغضِّ من قَلبِهِ
إِذا أَضلوهُ وَلم يَهتَدِ
القَلبُ جرمٌ في حَياةِ الفَتى
وَصانِع القَلبِ هو المُعتَدي
من واجِب الأَيّامِ تحطيمُهُ
عَلى حِفافِ المَهدِ في المَولِدِ
يا سَيِّدي فَيلكسُ ذي حالَتي
ذي حالَةُ الشاعِر يا سَيِّدي
إِمّا رَآهُ الحُبُّ مُستَنزِفاً
أَدمُعُهُ قالَ لَهُ غَرّدِ
بَئِست حَياتي في بِلادٍ غَدَت
تَرتاحُ لِلأَنذالِ من حُسَّدي
تؤثرُ صوتَ البومِ في نَحسِهِ
عَلى أَغاني البُلبُلِ المُنشدِ
يا شاعِرَ الآلامِ هذا دَمي
ذوبتهُ شمعاً عَلى مَعبدي
هذي عِباراتُ الأَسى سُطِّرَت
بِالدَمعِ من أَجفاني الزهَّدِ
هذي شَكاتي يا خَطيبَ العُلى
أَرفَعُها لِلرَجُلِ الأَوحَدِ
أَرفَعُها لِلمَجدِ في أَوجِهِ
لِأَنَّه جذوَةُ قَلبٍ صدي
وَجدتُ في نَفسِكَ ما لَم أَجِد
في أَنفُسٍ مُخمدَةٍ هُجَّدِ
لامَستُ في أَنّاتِها ثَورَةً
أَخمَدَت النارَ وَلم تَخمُدِ