انتقل إلى المحتوى

أرقدت عن قلق الفؤاد مشوقه

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أرقدتَ عنْ قلقِ الفؤادِ مشوقهِ

​أرقدتَ عنْ قلقِ الفؤادِ مشوقهِ​ المؤلف ابن حيوس


أرقدتَ عنْ قلقِ الفؤادِ مشوقهِ
فَأَمَرْتَ بِالسُّلوَانِ غَيْرَ مُطِيقِهِ
لا تتعبِ اللَّومَ الَّذي أنضيتهُ
فِي كُلِّ مُعْتَدِلِ الْقَوَامِ رَشِيِقِه
يَحْكِي الْقَضِيبَ إِذَا الصَّبَا مَرَّتْ بِهِ
حَرَكاتُهُ وَيَطُولُهُ بِبُسُوقِهِ
وَمُمَنْطَقٍ يُغْنِي النَّدِيمَ بِوَجْهِهِ
عَنْ كَأْسِهِ الْمَلأَى وَعَنْ إِبْرِيقِهِ
فِعْلُ الْمُدَامِ وَلَوْنُها وَمَذَاقُها
فِي مُقْلَتَيْهِ وَوَجْنَتَيْهِ وَرِيقِهِ
وبنفسيَ الطَّيفُ الملمُّ وإنْ جرى
فِي مَذْهَبِ الإعْرَاضِ عِنْدَ طُرُوقِهِ
فدنوُّهُ كبعادهِ ووصالهُ الـ
هجرُ الصَّريحُ وبرُّهُ كعقوقهِ
أبداً أريهِ باطلاً منْ سلوتي
وَأَبُثُّهُ وَلَهي عَلَى تَحْقِيقِهِ
وجدٌ كوجدِ أبي المظفَّرِ بالنَّدى
كلُّ امريءٍ يصبو إلى معشوقهِ
لَطَرَقْتَ فِي كَسْبِ الثَّنَاءِ مَحَجَّةً
أَبْدَعْتَها وَعَدَلْتَ عَنْ مَطْرُوقِهِ
وَظَهَرْتَ فِي ذَا الْمُلْكِ مَظْهَرَ سِيرَةٍ
أَفْضى الرَّجَاءُ بِهَا إِلى تَصْدِيقِهِ
مِثْلَ انْتِهاءِ الشَّمْسِ تَمَّ ضِياؤُها
لا كابتداءِ الصُّبحِ قبلَ شروقهِ
حازَ السَّعادَةَ مَنْ يُقَسِّمُ عَيْشَهُ
قِسْمَيْنِ بَيْنَ صَبُوحهِ وَغَبُوقِهِ
مَهْلاً فَضَلْتَ المعْدَ مُنذُ حَوَيْتَهُ
وَفَصَلْتَ بَيْن كذَوبِهِ وَصَدومهِ
لا فضلَ نائلهِ على مرتادهِ
بلْ فضلَ خالقهِ على مخلوقهِ
فبعيدُ ما قدْ رمتهُ كقريبهِ
وعلى سواكَ قريبهُ كسحيقهِ
فَلْيُسْأَلِ الْمالُ الَّذِي لَجَّ الْوَرى
في جمعهِ ولججتَ في تفريقهِ
ولتسألِ الخيلُ الَّتي ذيدتْ ضحىً
بالطَّعنِ عنْ سعةِ المكرِّ وضيقهِ
عمَّنْ حمى أعقابها ضنَّاً بها
لاَ مَنْ سَلاَ عَنْ سَرْحِهِ وَوُسُوقِهِ
يا ناصِرَ الدِّينِ الْحَنيِفِ بِعَزْمَةٍ
صَدَقَتْ فَأَذْعَنَ باطِلٌ بِزُهُوقِهِ
لَنْ يَأَمَنَ اللَّيَّانَ إِلاَّ صارِمٌ
سلَّ الصَّوارمَ لاقتضاءِ حقوقهِ
فليحقنِ المستعصمونَ بمنبجٍ
باقي دمٍ متعرِّضٍ لمروقهِ
فَلَقَدْ رَمَيَيْتَهُمُ بِمَنْ يَغْشى الْوَغى
فَيَرى فِرَاقَ النَّفْسِ دُونَ فَرِيقِهِ
أَوْ يَنثْنِي بِدَمِ الْكُماةِ مُخَلَّقاً
مثلَ العروسِ مضمَّخاً بخلوقهِ
ومهنَّدٍ يمضي غراراهُ إذا
كَلَّ الشَّقيِقُ وَمَلَّ نَصْرَ شَقِيقِهِ
ومطهَّمٍ يردُ النِّزالَ كأنَّما
يُدعى إلى آريِّهِ وعليقهِ
ما بالُ واليهمْ يعلِّلُ نفسهُ
حيناً ويخبرُ صبرهُ عنْ موقهِ
متعرِّضاً لنضالِ منْ هوَ فوقهُ
جهلاً بسهمٍ قدْ خلاَ منْ فوقهِ
وتعذُّرُ الأبصارِ أوعظُ واعظٍ
لَوْ أَنَّهُ يُهْدى إِلى تَوْفِيقِهِ
في عارضٍ فيهِ المنايا والمنى
تردي وتحدى قبلَ لمعِ بروقهِ
يَخْشى الْهِزَبْرُ هُجُومَهُ فِي غابِهِ
أبداً ويرهبهُ العقابُ بنيقهِ
قدْ كانَ جدُّكَ صالحٌ في أسرِ منْ
مَنَعَ الْمَحِيصَ وَزَادَ فِي تَضْيِيقِهِ
حتّى إذا ما اللهُ أطلقهُ قضى
بِبِعادِ آسِرِه وَمُلْكِ طَلِيقِهِ
وَكذَاكَ يَفْعَلُ فِيكَ فَأعْزمْ عَزْمَةً
تَجْلُو ظَلاَمَ کلإِفْك بَعْدَ غُسُوقِهِ
كَمْ حَلَّ أَنْطاكِيَّةً مِنْ مُتْرَفٍ
مُتَشاغِلٍ بِرَحِيقِهِ وَرَقِيقِهِ
وَأَمامَ قَسْطَنْطِينَةٍ وَوَرَاءَها
خطبٌ أعينَ جليلهُ بدقيقهِ
وافى مليكَ الرُّومِ منهُ مانعٌ
عنْ نصرِ دوقسهِ وعنْ بطريقهِ
وَقَفَ الرَّجاءُ بِهِ عَلَى إِخْفاقِهِ
والخوفُ يلزمُ قلبهُ بخفوقهِ
لا يأمننَّ الشِّركُ بطشَ غشمشمٍ
يُرْجى لِقَطْعِ فُرُوعِهِ وَعُرُوقِهِ
وَمِنَ الضَّلاَلِ نِضالُ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ
سَفَهاً بِسَهْمٍ قَدْ خَلاَ مِنْ فُوقِهِ
وليعتصمْ بمملَّكٍ قهرَ العدى
حَتَّى لَدَانَ عَدُوُّهُ لِصَدِيقِهِ
أغنى عطاؤكَ عنْ ندىً محرومهُ
أولى بحسنِ الذِّكرِ منْ مرزوقهِ
جودٌ علوتَ بهِ الملوكَ فما سعوا
يَوْماً إِلَيْهِ وَلاَ اهْتَدَوا لِطَرِيقِهِ
سبقوا السُّؤالَ وعاذليكَ على اللُّهى
مَنْ ذَا يَرُدُّ السَّهْمَ بَعْدَ مُرُوقِهِ
أَسْرَفْتَ فِي إِكْثارِهِ وَشَرُفْتَ فِي
إنكارهِ وكرمتَ عنْ تعويقهِ
فلتعلمِ الآمالُ حقّاً أنَّها
نَزَلَتْ عَلَى مَحْضِ النِّجارِ عَرِيقِهِ
عقلَ المديحَ نوالهُ فأنفتُ منْ
تَغْرِيبِهِ وَغَنيِتُ عَنْ تَشْرِيقِهِ
قدْ كنتُ أعرضهُ ولا سوقٌ لهُ
فَالآنَ صِرْتُ أَبِيعُهُ فِي سُوقِهِ
حلاًّ لأنِّي أشتريهِ بفكرةٍ
جَوَّالَةٍ وَأَحِيدُ عَنْ مَسْرُوقِهِ
فِي كُلِّ مُعْجِزَةٍ تَكَفَّلَ لِي بِها
فَضْلٌ أَعاذَ الْقَوْلَ مِنْ تَلْفِيقهِ
حَتَّى قَرَنْتُ بِدُرِّهِ ياقُوتَهُ
وَسِوَايَ يَقْرِنُ دُرَّهُ بِعَقِيقِهِ
مِنْ بَحْرِ نَصرٍ أَجْتَنِيهِ فَرَائِداً
والحظُّ للعلياءِ في منسوقهِ
بَحْرٌ يُغاصُ عَلَى الْغِنى فِيهِ فَما
ينجو منَ الإعدامِ غيرُ غريقهِ