انتقل إلى المحتوى

أرحلي محمول على العتق النجب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أرحلي محمول على العتق النجب

​أرحلي محمول على العتق النجب​ المؤلف ابن دارج القسطلي


أرحلي محمول على العتق النجب
يؤمك أم سار على القتم النكب
يقود بها هاد إلى الأمر والمنى
ويحدو بها حاد على الخوف والرعب
غرائب مما أغرب الدهر أطلعت
عليك هلال العلم من أفق الغرب
طوت فلوات الأرض نحوك وانطوت
كبدر إلى محق بشهر إلى عقب
كئوسا تسافتها الليالي تنادما
فجاءتك كالأقداح ردت عن الشرب
تعاورهن البر والبحر مثلما
ترد بأيدي الرسل أجوبة الكتب
فليل إلى صبح وصبح إلى دجى
وكرب إلى روح وروح إلى كرب
وسهل إلى حزن وحزن إلى فلا
وسهب إلى بحر وبحر إلى سهب
يكتبن صفحات السعود نواظرا
وينفضن من أقلامهن على القلب
ويقضمن أطراف الهشيم تبلغا
إلى الروضة الغناء في المشرب العذب
تنيخ فتلقي في الصخور كلاكلا
تنوء لأرض المسك زهوا عن الترب
ويفحصن في رضم الحصى بمناسم
تهيم إلى حصباء من لؤلؤ رطب
أنسمها رياك في نفحة الصبا
وأجلو لها سيماك في أوجه الشهب
وأسمعها داعيك في كل منهل
هلم إلى الإكرام والمنزل الرحب
ولاح لها البرق الذي أغدق الثرى
فهن إليه موفضات إلى نصب
موفرة مني إليك وسائلا
تفوح لأنفاس الركائب والركب
ولو عجزت عن همتي لتبلغت
بذي قدم تصبو إلى ذي يد تصبي
فقل لمن عاذ الهدى بسيوفه
ودارت نجوم الملك منه على قطب
وضاء بنور الحق غرة وجهه
فأطفأ نيران الضغائن والشغبأ
أخو الكهل وابن للكبير ووالد
لأبنائهم في معتزى غير ذي ترب
عطاء بلا من وحكم بلا هوى
وملك بلا كبر وعز بلا عجب
ومولى كما تجلو المصابيح في الدجى
ورأي كما يشفي الهناء من النقب
سما فاشترى مثنى الوزارة سابقا
بمثنى الأيادي البيض والخلق الندب
وحاز عنان الدهر سمعا وطاعة
بكشف قناع الصبر والسمر والقضب
غمام أظل الأرض وانهل بالحيا
ضمان على النعمى أمان من الجدب
تفجر للأيام بالجود والندى
وأثمر للإسلام بالحزم واللب
فتى يتلقى الروع بالبيض والقنا
ومعتفي الأضياف بالأهل والرحب
مسمى بفتح الله أرض العدى به
مكنى بنصر الله والدين والرب
وأي وليد للمكارم والعلا
وأي رضيع للوقائع والحرب
وأي فتى في مشهد الرأي والنهى
وأي فتى في موقع الطعن والضرب
وأي عروس بالسيادة لم يسق
سوى السيف من مهر إليها ولا خضب
واي رجاء قاد رحلي إليكما
وقد أصعقتني مثل راغية الصقب
بعيد من الأوطان مستشعر العدى
غريب على الأمواه متهم الصحب
أقل من الرئبال في الأرض آلفا
وإن كان لحمي للحسود وللخب
وأعظم تأنيسا لدهري من المنى
وأوحش منه من فتى الجب في الجب
ولله من عزم إليك استقادني
فأفرط في بعد وفرط في قرب
حياء من الحال التي أنت عالم
بها كيف عاثت في سناها يد الخطب
وتسويف يوم بعد يوم تخوفا
لعلي لا ألقاك منشرح القلب
وشحا بباقي ماء وجه بذلته
لعلي أقضي قبل إنفاده نحبي
وتأخير رجل بعد تقديم أختها
حذارا لدهر لا يغمض عن حربي
كما مسني الشيطان نحوك ساعيا
بطائف سقم من عذاب ومن نصب
وبارقة من مقلتي أم ملدم
ثنتني صريعا لليدين وللجنب
محجبة لا تتقى بشبا القنا
ولا يختفي منها بباب ولا حجب
يدق عن القلب المؤنب قدرها
وقد جل ما لاقيت منها عن العتبب
طوت ظمء عشر بعد عشر وأوردت
على النفس لا ترضى على الرفه بالغب
إذا كرعت في حوض نفسي خضخضت
ففاضت نواحيه بمنهمر سكب
فمطعمها لحمي ومشربها دمي
وترتع في جسمي وتأوي إلى قلبي
كأن لها عندي مخاريف جنة
وأصلي بها نار المعذب بالذنب
إذا أوقدت جسمي هجيرا تظللت
فحلت كناسا من شغا في أوخلبي
تحملتها في حر صدري وأضعلي
وتحمل أحشائي على المركب الصعب
ألاوذ عنها قلب مكتئب شج
وتحفز نحوي قلب ذي لوعة صب
وتكذبني عنها الأماني وإنها
إلي لأهدى من قطاة إلى شرب
وإن كان أضنى الحب فالعقل حاكم
بأن ضنى الشنآن فوق ضنى الخب
وفي راحتي عبد الفعيل بن فاعل
شفائي وفي نعمى مكارمه طبي
دعوت فلباني وآوى تغربي
إلى كرم للعز ذي مرتقى صعب
وجلى همومي من سناه ببارق
أضاء به ما بين شرق إلى غرب
وأسبل لي من ستره فوق ستة
أهيم بهم في الأرض مثل القطا الزغب
فأصبحت في إكرامه مانع الحمى
وأمسيت في سلطانه آمن السرب
وحمدا لمن هدى لساني لحمده
وحسبي له من قد قضى أنه حبي