أدار الكأس صافية المدام
المظهر
أَدارَ الكأْسَ صافية َ المُدامِ
أَدارَ الكأْسَ صافيةَ المُدامِ
كحيلُ الطَّرفِ ممشوقُ القوام
وَقَد ركَضَتْ بأَقداح الحميّا
خيولُ الصُّبح في جنحِ الظلام
وأبصر غادةً من آل سام
على الباقين من أولاد حام
وما عُجْنا لأطلال رِمامِ
كما نثر الجمان من النظام
ونحنُ بروضة تندى فتبدي
لنا شكران آثار الغمام
وقد أملتْ حمائمها علينا
من الأوراق آياتِ الغرام
أقمنا بينَ أفناءِ الأغاني
وما اخترنا المقام بلا مقام
تلذُّ القيان بها سماعاً
إذا اتَّصلتْ بمنقطع الكلام
وما رقَصَتْ غصونُ البان إلاَّ
لما سمعته من لحن الحمام
فمن طربٍ إلى طربٍ توالى
ومن جامٍ سعى في إثر جام
رَضَعْنا من أفاويق الحميّا
وقلنا لا منعنا بالفطام
نَفُضُّ خِتَامَها مِسْكاً ذكيَّاً
وكانَ الدَنُّ مسكيَّ الختام
تحلُّ بها المسرَّةُ حيث حَلَّتْ
بعيدَ الخطو جوّابَ الموامي
عَصَيْنا مَن نَهى عنها عتوّاً
وفزنا بالمعاصي والأثام
وحرَّمنا الحلالَ على الندامى
وما يغني الحلال عن الحرام
وكم يومٍ تَركنا الزِّقَّ فيه
جريحاً من يد الندمان دامي
وليلٍ يجمعُ الأحبابَ شملاً
بمن نَهوى شديد الالتحام
وباتتْ تسعف الّلذات فيه
ببنت الكرم أبناءُ الكرام
فمِنْ وَجهٍ تَقَرُّ به عُيوني
ومِن رَشفٍ أَبُلُّ به أُوامي
فيبعثُ بالسرور إلى فؤادي
ويهدي بالشفاء إلى سقامي
وقد طاب الزمان فلا رقيب
يكدر صفو عيشي بالملام
وما أهنا شموسَ الراح تترى
وقد أَخَذَتْ عن البدر التمام
وغايتةٍ تجود إذا استميحت
بطيب الوصل بعد الانصرام
فما غَدَرَتْ لمشتاق بعهدٍ
ولا خَفَرَتْ لصبِّ بالذمام
تركتُ العاذلين بها ورائي
وقدَّمتُ السرور بها أمامي
تعير بوجهها الأقمار معنىً
إذا وافتك بارزة اللثام
كأني قَد أَخَذْتُ على الليالي
عهود الأمن من ريب الحمام
ومن أضحى إلى سلمان يعزى
وخدمته فمحمول السلام
أصبتُ بنيله أملاً بعيداً
وما طاشت بمرماها سهامي
كأنّي أَستزيد ندى يديه
بشكراني لأيديه الجسام
وكم نعمٍ له عندي وأبدٍ
رغمتُ بهنّ آنافَ اللئام
وصالَحْتُ الخطوبَ على مرادي
وكنتُ عهدتها لدَّ الخصام
وما کنْفَصَلَتْ عُرى أملٍ وثيقٍ
وفيه تَمسُّكي وبه کعتصامي
مكان تمسّكي بالعهد منه
مكان الكف من ظبة الحسام
وسيّال اليدين من العطايا
تسيل من العطاء لكل ظامي
إذا ما فاتني التقبيل منها
فليس يفوتني نوءُ الغمام
تمام جماله خُلُقٌ رضيٌ
وحسبكَ منه بالبدر التمام
وتلك خلائقٌ خلصتْ فكانت
نُضاراً لا تُدَنَّسُ بالرغام
فتىً في الناجبين لقد أراني
وقارَ الشَّيخ في سِنِّ الغلام
فأبرقَ واستهلَّ ورحت أروي
سجام القطر عن قطر سجام
كما نزلتْ على أرضٍ سماءٌ
تسيل على الأباطح والأكام
فأمسى كلَّ آونةٍ قريضي
يُغَرِّدُ منه تغريد الحمام
أرى مدحي لآل البيت فرضاً
كمفترضِ الصلاة أو الصيام
أَئِمة ملَّة الإسلام كلٌّ
يقالُ له الإمام ابن الإمام
وما شرفُ الأنام بغير قومٍ
همُ مذ كوّنوا شرفُ الأنام
أفاضُوا بالعطاء لمجتديهم
وللأعداء بالموت الزؤام
وكلٌّ منهمُ ليثٌ هصورٌ
وبحرٌ من بحور الجود طامي
بنفسي سيّداً في كلّ حالٍ
يرى فيها احتشامي واحترامي
ظفرتُ به حساماً ليس ينبو
نُبُوَّ مضارب السيف الكهام
وقد يدعى الكريمُ إلى نوالٍ
كما يدعى الشجاع إلى صدام
وعندي في صنائعه قوافٍ
يضيق بهنّ صدرُ الاكتتام
وشعري في صفاتِ بني عليّ
رفعتُ به إلى أعلى مقام
سأُطْرِبُ في مديحك كلَّ واعٍ
ولا طربَ الشجيِّ المستهام
وأشكرُ منك فضلك ثم أدعو
لوجهك بالبقاء وبالدوام