انتقل إلى المحتوى

أحباؤنا ما كان لي عنكم صبر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أَحِبَّاؤنا ما كان لي عنكُمُ صبرُ

​أَحِبَّاؤنا ما كان لي عنكُمُ صبرُ​ المؤلف ابن الرومي


أَحِبَّاؤنا ما كان لي عنكُمُ صبرُ
وهل لِصبورٍ عن أحبته عذرُ
فيا ليتَ شِعري عنكُمُ كيف كنتُمُ
وكيف التي من وجهها يطلعُ البدر
ومَن نشرها مِسْكٌوألحاظها سحرٌ
ومَبسِمُها دُرٌّوريقتها خمر
وقد زَعَمتْ ألاّ تزالَ كعهدنا
وإن طال بي غَيْبٌ وطال بها العُمْرُ
وإني لأَخشى والزمانُ مُغَيِّرٌ
على النأْي يوماً أن يميل بها الغدر
وكيف بمُشتاقٍ تضمَّن جسمَهُ
على شوقِه مِصرٌ ومُهجَتَه مِصْر
أقام الحرب الزَّنج في دار غربة
حوادثُها في أهلها القتل والأسر
ومن دونه هولٌومن تحته ردًى
ومن فوقه سيفٌومن تحته بحر
إذا شام برقاً لاح من نحو أرضه
تضايقَ عما ضمَّ من وَجدِه الصبر
وبَلَّتْ دماً مِنْ بعد دمعٍ رداءه
لدى خلوات منه أجفانُه الغُزر
وإن رام من حَدِّالبطيحة مَطْلِعاً
ثَنَتْ شأوَهُ عنه المواصير والجِسر
كفى حزناً أن المُقِلَّ مُشَردٌ
وذو الخفض في أحبابه مَن له وفرُ
إذا كان مالي لا يقوم بهمَّتي
سماحاً وإن أوفَى على عُسرتي اليُسرُ
ففيمَ اجتهادي في محاولة الغنى
وما للغنى عند الجواد به قَدْر
يفوز بجمع المال من كان باخلاً
وما ليَ إلا الحمدُ من ذاك والشكر
وما أنا إلا محرزُ المجد والعلا
وذلك كَنزي لا اللُّجَيْنُ ولا التبر
فإن يقضِ لي اللهُ الرجوعَ فإنه
علَيَّ له أن لا أفارقَكُمْ نذر
ولا أبتغي عنكم شُخوصاً وفُرقةً
يَدَ الدهر إلا أن يُفرقَنا الدهرُ
فما العيش إلا قربُ من أنت آلِفٌ
وما الموتُ إلا نأيُهُ عنكَ والهجرُ