أتعرف أطلالا بوهبين والحضر
المظهر
أَتَعْرِفُ أَطْلاَلاً بِوَهْبِينَ وَالْحَضْرِ
أَتَعْرِفُ أَطْلاَلاً بِوَهْبِينَ وَالْحَضْرِ
لِمَيٍّ كَأَنْيَارِ الْمُفَوَّفَةِ الْخُضْرِ
فَلَمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ وَاعْتَزَّنِي الْهَوَى
تَذَكَّرْتُ هَلْ لِي أَنْ تَصَابَيْتُ مِنْ عُذْرِ
فلمْ أرَ عذراً بعدَ عشرينَ حجَّةً
مَضَتْ لِي وَعَشْرٌ قَدْ مَضَيْنَ إِلَى عَشْرِ
وأخفيتُ شوقي منْ رفيقي وإنَّهُ
لَذُو نَسَبٍ دَانٍ إِلَيَّ وَذُو حِجْرِ
محلَّ الحواءينِ الذي لستُ رائياً
مَحَلَّهُمَا إِلاَّ غُلِبْتُ عَلَى الصَّدْرِ
وَضِبْحاً ضَبَتْهُ النَّارُ فِي ظَاهِرِ الحْصَىَ
كَبَاقِيَةِ التَّنْويِرِ أَوْ نُقَطِ الْحِبْرِ
وَغَيْرَ ثَلاَثٍ بَيْنَهُنَّ خَصَاصَةٌ
تَجَاوَرْنَ فِي رَبْعٍ زَمَاناً مِنَ الدَّهْرِ
كساهنَّ لونَ السُّودِ بعدَ تعيُّسٍ
بوهبينَ إحماشُ الوليدةِ بالقدرِ
أربَّتْ عليها كلُّ هوجاءَ رادةٍ
شَمَالٍ وَأَنْفَاسُ اليْمَاَنِيَةِ الْكُدْرِ
تسحُّ بها بوغاءَ قفٍّ وتارةً
تسنُّ عليها تربَ آملةٍ عفرِ
هجانٍ منَ الدَّهنا كأنَّ متونَها
إذا برقتْ أثباجُ أحصنةٍ شقرِ
فهاجتْ عليكَ الدارُ ما لستَ ناسياً
مِنَ الْحَاجِ إِلاَ أَنْ تُنَاسي عَلَى ذُكْرِ
هواكَ الذي ينهاضُ بعدَ اندمالهِ
كما هاضَ حادٍ متعبٌ صاحبَ الكسرِ
ا قَلْتُ قَدْ وَدَّعْتُهُ رَجَعَتْ بِهِ
شجونٌ وأذكارٌ تعرَّضُ في الصَّدرِ
لمستشعرٍ داءَ الهوى عرَّضتْ له
سقاماً من الأسقامِ صاحبةُ الخدرِ
إِذَا قُلْتُ يَسْلُو ذِكْرُ مَيَّة قَلْبَهُ
أَبَى حُبُّهَا أَلاَّ بَقَآءَ عَلَى الْهَجْرِ
تَمِيمِيَّةٌ نَجِدْيَّةٌ دَارُ أَهْلِهَا
إِذَا مُوِّهَ الصَّمَّانُ مِنْ سَبَلِ الْقَطْرِ
بأدعاصِ حوضى ثمّ يوردُ أهلُها
جرَاميزُ يَطْفُو فَوْقَهَا وَرَقُ السِدْرِ
منَ الواضحاتِ البيضِ تجري عقودُها
عَلَى ظَبْيةٍ باِلرَّمْلِ فَارِدَةٍ بِكْرِ
تَبَسَّمُ إِيمَاضَ الْغَمَامَةِ جَنَّهَا
رواقٌ من الظَّلماءِ في منطقٍ نزرِ
يُقَطّعُ مَوْضُوعَ الْحَدِيثِ ابْتِسَامُهَا
تَقَطُّعَ مَآءِ الْمُزْنِ فِي نُزَفِ الْخَمْرِ
فلو كلَّمتْ ميٌّ عواقلَ شاهقٍ
رغاثاً منَ الأروى سهونَ عن الغفرِ
خبرنجةٌ خودٌ كأنَّ نطاقها
عَلَى رَمْلَةٍ بَيْنَ الْمُقَيَّدِ وَالْخَصْرِ
لها قصبٌ فعمٌ خدالٌ كأنَّهُ
مُسَوِّقُ بَرْدِيٍّ عَلَى حَآئِرٍ غَمْرِ
سَقِيَّةُ أَعْدَادٍ يبَيِتُ ضَجِيعُهَا
وَيُصْبِحُ مُحْبُوراً وَخَيراً مِنَ الْحَبْرِ
تعاطيهِ برّاقَ الثَّنايا كأنَّهُ
أقاحيُّ وسميٍّ بسائفةٍ قفرِ
كَأَنَّ النَّدَى الشَّتْوِيَّ يَرْفَضُّ مَآؤُهُ
عَلَى أَشْنَبِ الأنَيْاَبِ مُتَّسِقِ الثَّغْرِ
هجانٍ تفُتُّ المسكَ في متناعمٍ
سُخَامِ الْقُرُونِ غَيْرِ صُهْبٍ وَلاَ زُعْرِ
وتشعرهُ أعطافها وتسوفهُ
وتمسحُ منه بالتَّرائبِ والنَّحرِ
لها سنَّةٌ كالشَّمسِ في يومِ طلقةٍ
بدتْ من سحابٍ وهيَ جانحةُ العصرِ
فما روضةٌ منْ حرِّ نجدٍ تهلَّلتْ
عليها سماءٌ ليلةً والصِّبا تسري
بها ذرقٌ غضُّ النَّباتِ وحنوةٌ
تعاورها الأمطارُ كفراً على كفرِ
بِأَطْيَبَ مِنْهَا نَكْهَةً بَعْدَ هَجْعَةٍ
ونشراً ولا وعساءُ طيِّبةُ النَّشرِ
فتلكَ التي يعتادني من خيالها
على النَّأي داءُ السِّحرِ أو شبهُ السِّحرِ
إِلَى ابْنِ أبِي مُوسَى بِلاَلٍ تَكَلَّفَتْ
بِنَا البُعْدَ أَنْقَاضُ الْغُرَيْرِيةِ السُّجْرِ
مُدَئِبَةُ الأَياَّمِ وَاصِلةٌ بِنَا
لياليَها حتَّى ترى وضحَ الفجرِ
يؤوِّبنَ تأويباً قليلاً غرارُهُ
ويجتبنَ أثناءَ الحنادسِ والقمرِ
يُقَطِّعْنَ أَجْوَازَ الْفَلاةِ بِفِتْيَةٍ
لَهُمْ فَوْقَ أَنْضَآءِ السُّرَى قِمَمُ ت
َمُرُّ بِنَا الأَيَّامُ مَا لَمَحَتْ لَنَا
بصيرةُ عينٍ من سوانا إلى شفرِ
تقضَّينَ منْ أعرافِ لبنى وغمرةٍ
فلمّا تعرَّفنَ اليمامةَ عنْ عفرِ
تزاورنَ عنْ قرّانَ عمداً ومن به
منَ الناسِ وازورَّتْ سراهنَّ عن حجرِ
فأمسينَ بالحومانِ يجعلنَ وجهةً
لأعناقهنَّ الجديَ أو مطلَعَ النَّسرِ
فَصَمَّمْنَ فِي دَوِيَّة الدَّوِّ بَعْدَمَا
لَقِيْنَ الَّتِي بَعْدَ اللَّتَيَّا مِنَ الضُّمْرِ
فَرَغْنَ أَبَا عَمْرٍ بِمَا بَيْنَ أَهْلِنَا
وَبَيْنَكَ مِنْ أَطْرَاقِهِنَّ وَمِنْ شَهْرِ
فأصبحنَ يعزلنَ الكواظم يمنةً
وَقَدْ قَلِقَتْ أَجْوَازُهُنَّ مِنَ الضَّفْرِ
فَجِئْنَا عَلَى خُوصٍ كَأَنَّ عُيُونَهَا
صباباتُ زيتٍ في أواقيَّ من صفرِ
مكلّينَ مضبوحي الوجوهِ كأنَّنا
بنو غبّ حمّى منْ سهومٍ ومن فترِ
وَقَدْ كُنْتُ أُهْدي فِي الْمَفَاوِزِ بَيْنَنَا
ثناءَ امرئِ باقي المودَّةِ والشُّكرِ
ذَخَرْتُ أَبَا عَمْرٍو لِقَوْمِكَ كُلِّهِمْ
بقاءَ اللَّيالي عندنا أحسنَ الذُّخرِ
فلا تيأسنْ منْ أنَّني لكَ ناصحٌ
وَمَنْ أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
أقولُ وشعرٌ والعرائسُ بيننا
وَسُمْرُ الذُّرَى مِنْ هَضبِ ناَصفَةَ الْحُمْرِ
إذا ذُكرَ الأقوامُ فاذكرْ بمدحةٍ
بلالاً أخاكَ الأشعريَّ أبا عمرو
أَخَاً وَصْلُهُ زَيْنُ الكَريِمِ وَفَضْلُهُ
يُجِيرُكَ بعْدَ اللّهِ مِنْ تلَفِ الدَّهْرِ
رأيتُ أبا عمرٍو بلالاً قضى له
وليُّ القضايا بالصَّوابِ وبالنَّصرِ
إِذَا حَارَبَ الأَقْوَامَ يَسْقِي عَدُوَّهُ
سِجَالاً مِنَ الذّيِفاَنَ وَالْعَلْقَمِ الْخُضْرِ
وَحَسْبي أَبَا عَمْرٍو عَلَى مَنْ تُصِيبُهُ
كَمُنْبعَقِ الغيْثِ الْحَيَا النَّابِتِ النَّضْرِ
وإنْ حاردَ المعطُونَ ألفيتَ كفَّهُ
هضوماً تسحُّ الخيرَ منْ خلقٍ بحرِ
ومختلقٌ للملكِ أبيضُ فدغمٌ
أشمُّ أبجُّ العينِ كالقمرِ البدرِ
تصاغرُ أشرافُ البريَّةِ حولهُ
لأَزْهَرَ صَافِي اللَّونِ مِنْ نَفَرٍ زُهْرِ
خَلَفْتَ أَباَ مُوسَى وَشَرَّفْتَ مَا بَنَى
أبو بُردةَ الفيّاضُّ منْ شرفِ الذِّكرِ
وكمْ لبلالٍ من أبٍ كان طيّباً
على كلِّ حالٍ في الحياةِ وفي القبرِ
لَكَمْ قَدَمٌ لاَ يُنْكِرُ النَّاسُ أَنَّهَا
معَ الحسبِ العاديِّ طمَّتْ على الفخرِ
خلالُ النبيِّ المصطفى عندَ ربِّهِ
وعثمانَ والفاروقِ بعدَ أبي بكرِ
وَأنْتُمْ ذَوُو الأُكْلِ الْعَظيِمِ وَأْنُتمُ
أسودُ الوغى والجابرونَ من الفقرِ
أَبُوكَ تَلاَفَى الدِّينَ وَالنَّاسَ بعْدَمَا
تشاءوا وبيتُ الدينِ منقلعُ الكسرِ
فَشَدَّ إِصَارَ الدِّيْنِ أَيَّامَ أَذْرُحٍ
وَرَدَّ حُرُوباً قَدْ لَقِحْنَ إِلَى عُقْرِ
تعزُّ ضعافَ النَّاس عزَّةُ بنفسهِ
ويَقْطَعُ أَنْفَ الْكِبْرَيآءِ عَنِ الْكِبْرِ
إِذَا الْمِنْبرُ الْمَحْظُور أَشْرَفَ رَأَسُهُ
على النّاس فوقهُ نظرَ الصَّقرِ
تجلَّتْ عنِ البازي طشاشٌ وليلةٌ
فَآنَسَ شَيَئْاً وَهْوَ طَاوٍ عَلَى وَكْرِ
فَسَلَّمَ فَاخْتَارَ الْمَقَالَة مِصْقَعٌ
رفيعُ البنى ضخمُ الدَّسيعةِ والأمرِ
لِيَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ شَبَّهَ قَوْلَهُ
ذَوُو الرَّأَيِ وَالأَّحْجَاءِ منُقْلَعَ الصَّخْرِ
ومثلُ بلالٍ سوِّسَ الأمرَ فاستوتْ
مهابتهُ الكبرى وجلّى عن الثَّغرِ
إذا التكَّتِ الأورادُ فرَّجتَ بينها
مصادرَ ليستْ منْ عبامٍ ولا غمرِ
وَنَكَّلْتَ فسَّاقَ العِراقِ فَأَقْصَرُوا
وَغَلَّقْتَ أبْوَابَ الَنسَاءِ عَلَى سِتْرِ
فلم يبقَ إلاّ داخرٌ في مخيَّسٍ
وَمُنْحَجِرٌ مِنْ غَيْرِ أَرْضِكَ فِي حُجْرِ
يَغَارُ بِلاَلٌ غَيْرَةً عَربِيَّةً
على العربيّاتِ المغيباتِ بالمصرِ