انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 784/الأدب والفن في أسبوع

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 784/الأدب والفنّ في أسبوُع

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 07 - 1948



لعنة الفراعنة على ألمانيا

أثار مندوب مصر في مؤتمر النقاد الفنيين المنعقد بباريس في الشهر الماضي - مسألة (رأس نفرتيتي) وطالب بإعادته إلى مصر، وقد جرت مناقشة بينه وبين بعض الأعضاء في هذا الموضوع انتهت بإعلان المؤتمر حق مصر في استرجاع رأس نفرتيتي. وهو تمثال لرأس الملكة نفرتيتي، كانت قد كشفته سنة 1913 إحدى البعثات العلمية الألمانية مع مجموعة من الآثار في تل العمارنة، وقد احتال رئيس البعثة على أخذه إذ قال إنه حجر عادي لإحدى الأميرات، ووضع في متحف برلين وظل به إلى أن نقل في أثناء الحرب الأخيرة إلى مدينة فيسبادن للمحافظة عليه من الغارات الجوية، وما يزال بها إلى الآن.

وقصة غرام هتلر برأس نفرتيتي قصة مشهورة، أخذت مكانها بين القصص الخالدة في عالم الحب والغرام، وقد راح هتلر ضحية رأس نفرتيتي كأي محب قتله الهوى. . . إذ حقت عليه (لعنة الفراعنة) المعروفة في عالم الآثار. . . كما حقت على كارنرفون كاشف قبر توت عنخ أمون بلدغة بعوضة في هذا القبر قضت عليه. ولم يصب رأس نفرتيتي لعنة الفراعنة على هتلر وحده، بل محق بها ألمانيا في الحرب الأخيرة، بعد أن لم تعتبر بهزيمتها في الحرب العالمية الأولى ولم تلتفت إلى التمثال (الحرام) الموجود في حيازتها. . . ومن الخير لألمانيا أن ترد ملكة مصر القديمة إلى بلادها، فلن تقوم لها قائمة ما دامت فيها. وأخشى أن يتنبه (الحلفاء) إلى ذلك فيعلموا على بقاء رأس نفرتيتي بألمانيا لتظل هدفاً للعنة الفراعنة!

وقد وقف ولع هتلر برأٍ نفرتيتي حائلا دون تنفيذ الاتفاق الذي تم بين الحكومتين المصرية والألمانية بعد مباحثات طويلة، على أن يعاد الرأس إلى مصر لقاء أن تقدم مصر إلى ألمانيا بدلا منه تحفتين أخريين، هما تمثال كبير للكاهن رع نفير وتمثال آخر من الجرانيت للكاتب المصري أمينحوتب، ولم يسع مصر إزاء هذه إلا أن تقرر عدم الترخيص لأية بعثة ألمانية بالحفر والتنقيب عن الآثار في مصر إلا إذا أعيد رأس نفرتيتي إلى المتحف المصري.

وينتظر أن يثير هذا الموضوع مندوبو مصر في مؤتمر المتاحف الدولي المنعقد الآ باريس برعاية هيئة (اليونسكو) ويمثل مصر فيه الدكتور الديواني بك الملحق الثقافي بالسفارة المصرية بباريس والأستاذ توجو مينا رزق الله مدير المتحف القبطي في القاهرة.

هل عندنا شاعرات؟:

تلقت وزارة المعارف كتاباً من إحدى دور النشر بمدريد في أسبانيا بأسماء الشاعرات المصريات القديمات والمعاصرات، ودواوين الشعر التي وضعنها أو نماذج من شعرهن، مع صورهن الشخصية، لأن هذه الدار تعمل في إعداد موسوعة تصدر قريباً عن الشاعرات في مختلف بقاع العالم.

وليت شعري بماذا تجيب الوزارة! وأين هن الشاعرات المصريات اللائى يستحققن التعريف العالمي؛ الواقع أن مصر فقيرة في الشاعرات قديماً وحديثاً، فلست تجد في تاريخها الأدبي غير عائشة التيمورية وباحثة البادية، أما الآن فإنك لا تكاد تعثر على شاعرة، إذ ليس عندنا إلا من تقول أشياء نسميها شعراً من أجل تاء التأنيث المرعية الجانب. . . ومع ذلك فهي أشياء قليلة جداً. ومما يذكر مع هذا أن بعض البلاد العربية الأخرى قد نبغ فيها شاعرات من فتيات الجيل الجديد كنازك الملائكة في العراق وفدوى طوقان في فلسطين.

تشجيع التأليف:

جرت وزارة المعارف على أن تعهد إلى بعض الأدباء المصريين ترجمة بعض المؤلفات الأجنبية إلى اللغة العربية استكمالا لنشر الثقافة العامة بين جمهور قراء العربية. وأخيراً طلبت اللجنة العليا لتشجيع التأليف والترجمة بالوزارة، إلى بعض كبار الأدباء والمفكرين في مصر والبلاد العربية، أن يدلوها على المؤلفات التي يجدر بالوزارة أن تعنى بترجمتها، لتكون في مقدمة الكتب التي يترجمها الأدباء.

هذا ويشكو من يعهد إليهم بالترجمة من قلة الأجر الذي تدفعه الوزارة لهم، إذ هي تحاسبهم على عدد الكلمات باعتبار كل كلمة بمليم. .

ولكن حظ الترجمة مع ذلك أحسن من حظ التأليف، لأن كثيراً من المؤلفين يودون لو ربحوا مليما في كل كلمة. . والذي تتبعه الوزارة في تشجيع التأليف هو تقرير بعض الكتب للقراءة بشراء نسخة أو نسختين من الكتاب لمكتبة كل مدرسة من المدارس التي يلائمها الكتاب، وأكثر من يستفيد من ذلك هم الناشرون الذين اشتروا حق النشر أو أكثره من المؤلف، ومعنى شراء أكثر الحق أن للمؤلف نصيباً قليلا من الربح إلى الثمن المتفق عليه. ويستفيد من ذلك أيضاً كبار المؤلفين الذين ليسوا في حاجة إلى التشجيع لرواج مؤلفاتهم في السوق

ويبقى بعد ذلك طبقة من المؤلفين تستحق التشجيع ولا تناله وهم الذين لا يستطيعون أن يجازفوا بتحمل نفقات الطبع، ولا ترحب بهم دور النشر لعدم شهرتهم أو لعدم بريق مؤلفاتهم مع جودتها. ويكن تشجيع هؤلاء بأن تنظر الوزارة في مؤلفاتهم المخطوطة لتطبع ما تراه نافعاً منها. وقد فكرت الوزارة في شيء قريب من هذا، وهو أن تطبع ما لديها من كتب أدبية وثقافية عامة فاز أصحابها في مسابقات نظمتها، ولكنها لم تنفذ ذلك، والمرجو أن تكون الفكرة موجودة، وأن تتسع حتى تشمل غير ما فاز في المسابقات من الكتب الجديرة بالتشجيع، فهذا هو أجدى عمل في تشجيع التأليف.

اتجاه الباكستان نحو العربية:

كتبت من نحو شهرين عن جماعة الثقافة العربية بالباكستان ومما قلته إذ ذاك (وشعور المسلمين في الباكستان يتجه الآن نحو البلاد العربية، وقد بدا أخيرا في تأييدهم لقضية فلسطين، ولاشك أن اللغة العربية وآدابها وثقافاتها، هي أهم ما يربطها بالبلاد العربية، وهي وسيلتها إلى كتلة الجامعة العربية)

كتبت ذلك وأنا ألمح اقتراب هذه الدولة الناشئة من الفكرة واللغة العربيتين، وأرصد أبناءها كما يرصد الفلكي حركات نجم جديد. . . وقد قرأت عنها مقالا للأستاذ عبد المنعم العدوي في (البلاغ) يوم الخميس الماضي، جاء فيه (لم يسبق في تاريخ الهند الحديث أو القديم أن رجال الحكم فيها أدلوا ببيانات رسمية عن أهمية اللغة العربية، وحث أبناء المسلمين على تعلمها وفهمها فهماً صحيحاً كما هو الحال اليوم في حكومة باكستان الإسلامية الحديثة) والمقصود من هذا الكلام وهو بيان اهتمام رجال الدولة بنشر اللغة العربية، يدعو إلى الارتياح والسرور، ولكن ينبغي أن يذكر بجانب ذلك ما كان من إقبال مسلمي الهند على تعلم اللغة العربية منذ الفتح الإسلامي وقد نبغ منهم فيها كثيرون في الأدب وعلوم الدين.

ومما تضمنه مقال الأستاذ أن حكومة الباكستان قررت إنشاء كلية عربية كبيرة في حيدر أباد، وأن رئيس الوزراء أصدر بياناً يحث فيه أهل البلاد أن يهتموا بها وأن يبعثوا بأبنائهم إليها، كما قررت إنشاء كلية عربية أخرى في كراشي وقررت أن يكون تعليم اللغة العربية إجباريا في مدارسها، وأن كثيراً من الوزراء بدءوا بأنفسهم فأخذوا في تعلم العربية، وأن من مظاهر اهتمام الحكومة بذلك تأسيسها جمعية باكستان العربية الثقافية.

العربية تصارع:

كان قد نشر أن مؤتمر البريد العالمي الذي انعقد أخيراً في فرنسا، قرر اعتبار اللغة العربية إحدى اللغات الرسمية التي تحرر بها صحيفته. ولكن جاء أخيراً من جنيف أن مكتب مؤتمر البريد العالمي في برن، قرر استبعاد اللغة العربية من تحرير صحيفته الرسمية، وقصر تحريرها على اللغات الفرنسية والإنجليزية والروسية والاكتفاء بإصدار نشرة مفصلة عنها تحرر بالعربية. وهذا القرار يخالف قرار المؤتمر السابق وقد علقت (أخبار اليوم) على ذلك بأن المكتب ليس له أن يصدر مثل هذا القرار لأنه مكتب إداري يستمد نفقاته من جميع الدول المشتركة في المؤتمر وفي مقدمتها الدول العربية. ولا ندري ماذا يكون رأي الدول العربية في هذا القرار وهل تنسحب من المؤتمر ومعاهداته إذا لم يصحح هذا الوضع.

هذا ومصلحة البريد المصرية تحرر تذكرة إثبات الشخصية التي تعملها للإفراد بناء على طلبهم، باللغة الفرنسية. . . ويقولون في تبرير ذلك إن اللغة الفرنسية هي لغة البريد العالمي، ولكن هل يمنع ذلك من كتابتها أيضاً باللغة العربية إلى جانب اللغة الفرنسية؟ وإذا كنا نطالب بتحرير صحيفة البريد العالمي باللغة العربية إلى جانب اللغات التي تحرر بها، فلا أقل من أن تحرر مصلحة حكومية مصرية ما يصدر عنها بلغة عربية

من طرف المجالس:

ترامى إلى أسماع الجالسين، قول المذيع: (وبعد استراحة قصيرة نوالي إذاعة البرنامج).

قال أحدهم: ما معنى هذه الاستراحة! ولمن هي؟ أهي لصاحب الإذاعة السابقة وقد فرغ فلن يستأنف؟ أم هي للمذيع وقد كان ساكتا؟ أن هي لصاحب الإذاعة التالية ولم يبدأ بعد! قال صاحب النكتة:

هي يا أخي استراحة للمستمعين. . .

من طرف الإذاعة:

في يوم من أيام هذا الأسبوع، كان المذيع يعلن عن العدد الجديد الصادر من مجلة الإذاعة، فذكر من محتوياته: قطعة من ديوان (ابن المعز).

وقع هذا الاسم (ابن المعز) في سمعي موقعاً عريباً. فمن هو ابن المعز؟ أهو شاعر قديم لا نعرفه؟ أم هو شاعر معاصر من شعراء الإذاعة؟ ولكن الاسم غير عصري، وشعراء الإذاعة معدودون معرفون.

وبعد البحث والتحري علمت أن (ابن المعز) ما هو إلا (أين المفر) الديوان الذي صدر حديثاً للأستاذ محمود حسن إسماعيل!! والذي يتمم طرافة الموضوع أن الأستاذ صاحب ديوان (أين المفر) من القائمين بشئون الإذاعة، ولعله كان على خطوات من المذيع وهو يحرف اسم ديوانه.

الأدب والصحافة:

ألقى الأستاذ خليل جرجس محاضرة برابطة الأدباء يوم الأحد الماضي، عنوانها (الأدب والصحافة) شرح فيها معنى الأدب وتكلم على الصحافة كلاماً حسناً، ثم عقد مقارنة بين الأديب والصحفي بيّن فيها خصائص كل منهما.

وقد مر سريعاً ببعض نقط في صميم الموضوع لم يوفها حقها كالعلاقة بين الأدب والصحافة من حيث تأثير كل منهما في الآخر. وليته بسط القول في تطبيق ما بينه من معنى الأدب والصحافة على ما تنشره صحافتنا اليوم من ألوان من الكتابة ينسبونها إلى الأدب، ليستبين موقعها من الأدب أو الصحافة إن كان لها موقع من أيهما.

ومن مقارنته بين الأديب والصحفي أن الأديب ينتج حين ينتج من وحي الخاطر الصحفي الحق يتزود بعلم النفس الاجتماعي ليكون إنتاجه ملائماً لأذواق القراء ومتمشياً مع عقلية الجماهير، وأن الأديب يكتب عندما تواتيه لحظات التجلي والظرف الملائم، والصحفي يكتب كل وقت ويستجيب للظروف بالسرعة المطلوبة، وأن الأديب يكتب للأدب ولا يكون نقد المجتمع إلا عرضاً من غير قصد، والصحفي يكتب أيضاً للإمتاع ومؤانسة القارئ، ولكنه يقصد إلى إصلاح المجتمع ونقده والتأثير في الرأي العام.

الإنشاء في المدارس الثانوية:

أتيت في الأسبوع الماضي على ما تضمنه تقرير لجنة النهوض باللغة العربية بوزارة المعارف من آرائها في منهاج الأدب والبلاغة في المدارس الثانوية. وهذا التقرير موضع نظر معالي وزير المعارف المعارف الآن، وينتظر أن يبت فيه قريباً للشروع في تعديل مناهج اللغة العربية في المدارس على مقتضاه.

وقد جاء في التقرير عن الإنشاء في المدارس الثانوية أن اللجنة لاحظت أن الطريقة المتبعة في تعليمه تكاد تقتصر على إعطاء التلاميذ موضوعاً يطالبهم المدرس بالكتابة فيه، وقد تسبق الكتابة مناقشة شفوية، وكتابة التلاميذ تسير سيراً سطحياً متكلفا لا يساعد على الابتكار.

وترى اللجنة أن الأساس الأول للإصلاح في هذه الناحية الربط بين التعبير وبين النواحي الأخرى من النشاط المدرسي والاجتماعي، واستغلال كل الفرص الطبيعية الممكنة لتنمية قوى التعبير عند التلاميذ في جميع سني الدراسة، مثل حل النصوص الأدبية وشرحها، وتلخيص الكتب والقصص والتعليق على الحوادث الجارية، وكتابة تقارير عن الرحلات والمشروعات الدراسية وأشرطة الخيالة، وإعداد المقالات والأخبار لمجلة المدرسة، والخطابة والمناقشة والمناظرة، وغيرها مما يدخل في نشاط الجمعيات الأدبية.

وأشارت اللجنة إلى أنه من اليسير أن تكون اللغة العربية لسان المعلم والتلميذ في المدارس الثانوية، فإن التلميذ في هذه المرحلة قد يصل إلى قسط من التحصيل اللغوي يستطيع معه أن يفهم حديثاً عربياً، وان يتابع دروسه بالعربية الصحيحة إذا سار المعلمون معه على هذا المنهج

العباس