مجلة الرسالة/العدد 651/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 651/الَبريدُ الأدبيّ
التموين في عام
معالي وزير التموين طه السباعي بك رجل عرفه الأدب قبل أن تعرفه الوزارة، ولقد كتب وترجم ما أهله لأن يكون في صفوة المختارة من أدبائنا وكتابنا، وإن الإنسان حين يتناول كتابه - أو بيانه كما يريد هو أن يسميه - الذي وضعه تحت عنوان (التموين في عام) ليعجب كيف تخضع هذه المعاني الرسمية الجافة لأسلوب الأدب الذي يحيل جفافها نضرة وجمالا.
وقد أهدى نسخة من بيانه ذاك إليّ، فكتبت إلى معاليه الأبيات الآتية:
يا وزير التموين، هذا كتاب ... يمتع الحس والنهي أسلوبا
أنت أرسلته بياناً علياً ... يشبه الزهر رونقاً وطيوبا
كل لفظ فيه أرق من الفج ... ر، وأندى من النسيم هبوبا
صغته قادراً على الصوغ فذاً ... ثم أرسلته بياناً عجيباً. .
العوضي الوكيل
إلى الدكتور إبراهيم ناجي
ذكرتم في كتابكم الأخير (كيف تفهم الناس)، وفي الفصل الخاص بدراسة نفسية الجماهير (أن الفرد ينحدر من أصول غطاها الطلاء الذي ندعوه المدنية وغشاها العشب الذي تدعوه الثقافة، ولكن هاته الأصول لم تمح آثارها ولن).
فهل من وجه للمقابلة بين الثقافة والعشب؟
فالعشب - كما نعلم جميعاً - لا يصلح لشيء فهل الثقافة كذلك؟ والعشب يطفو على سطح الماء، فهل تطفو الثقافة على سطح الحياة، أم تغوض في المرء وتتأصل؟
والعشب هش تذروه الريح، فهل الثقافة رخوة تزيلها العواصف؟ والعشب بقايا الحصاد، فهل الثقافة نفاية الحصاد الذهني؟ أترى حالف التوفيق الصديق في هذه المقابلة
وديع فلسطين
المعلقات يكتب الأستاذ السيد يعقوب بكر عن حماد الراوية وقد عرض للمعلقات فوافق ابن النحاس النحوي المصري على أنها لم تعلق في الكعبة ولكنه خالفه في اختيار العرب لها، ورأى أن العرب هم الذين اختاروا هذه القصائد وفضلوها على غيرها. قال في العدد (648): (فالمعلقات إذاً قد تكون من اختيار العرب القدماء) ثم جاء في العدد (649) فجعل هذا الذي قد يكون أمراً محققاً، وأكد فيه ما ردده في العدد السابق فقال (واستقام لنا أن العرب القدماء هم الذين اختاروا المعلقات وفضلوها على غيرها). وهذه دعوى لا تقل في نظر الباحث في التاريخ الأدبي عن دعوى التعليق، فان الناظر في الأدب الجاهلي يستطيع أن يعرف من هذا - لو صح - الذوق الأدبي عند عرب الجاهلية ويستطيع إلى أي مدى كانوا يحكمون على الشعر وما هو مدار الفحولة في الشعر عندهم؟ ومن دراسة هذه المعلقات يتبين له النوع الذي كان يؤثره جمهور العرب على غيره وهكذا، فإذاً هذه دعوى لا يمر بها الدارس مراً ولا يلقيها على رُسَيْلاتها، بل لابد له أن يدعمها بالدليل، ويؤيدها بالبرهان، ونحن نرى أن الكاتب اعتصم بأمرين أولهما ما ذكر في قوله (ويؤيدنا في رأينا هذا ما يقوله ابن النحاس نفسه من أن حماداً الراوي لما رأى قلة من يعنون بالشعر، جمع هذه القصائد السبع، وحث الناس على درسها وقال لهم: هذه هي المشهورات، ولفظ المشهورات هنا هو بيت القصيد) وهو كما نرى - دليل واه ضعيف - فما أهون على حماد أن يكون زعم هذه الكلمة، ويؤيد هذا أنه قدمها للناس حين رأى منهم الزهد في الشعر. فمن المرجح حينئذ أن يقول لهم إن هذه القصائد كان يؤثرها العرب على غيرها، وكانت عندهم مشهورة ليحثهم بذلك على حفظها ودراستها، وكل ما يمكن أن يؤخذ من هذا أن حماداً نفسه كان يستجيد هذه القصائد، وأما ماعدا ذلك فيحتاج إلى دليل، فمن أين لنا مثلا الدليل على صدق حماد في هذه الدعوى؟
أما الأمر الثاني فما ذكره في قوله (فالعرب الجاهليون قوم قد شغلوا بالشعر فقالوه ورددوه وأقاموا الأسواق لإنشاده ونقده، وقوم هذا شغلهم بالشعر لا يصعب عليهم تفضيل بعضه على بعض واختيار بعضه دون سائره).
ونقول له نحن: وهو كذلك. نعم لا يصعب على العرب أن يفضلوا بعض الشعر على بعض، ولكن من أين لنا أن هذه هي القصائد التي فضلها العرب واختاروها؟ وإن هذا الدليل لا ينتج لنا الدعوى. فهو دليل ناقص ومبتور. فاستقام لنا أن دعوى شهرة هذه القصائد وتفضيل العرب لها على غيرها دعوى لا دليل عليها.
ونحن ننتظر من هذا الباحث أو من غيره الحجة والبرهان على هذه النظرية أو على نقيضها حتى نرتب على ذلك نتائج صحيحة سليمة وهي نتائج على جانب كبير من الأهمية في قيمة النقد عند عرب الجاهلية.
بنباقادن الثانوية
علي جلال الدين شاهين
الكأس السابعة
أشرق علينا الأستاذ صلاح ذهني بمجموعة قصص جديدة يضمها اسم (الكأس السابعة). . . وقد كانت في الواقع كئوساً عذبة من الأدب القصصي أرشفنا إياها الأستاذ المؤلف. وقد قدم له بمقدمة خائفة تداهن الناقد وتقترب إلى القارئ في أسلوب متهكم بعض الأحيان جاد في الأحيان الأخرى، وكنت وأنا أقرأ هذه المقدمة أعتقد أن الأستاذ صلاح قدم إلينا شيئاً هو غير راض عنه. . . ولكن حين قرأت هذه المجموعة بدا لي أنه كان يتهكم في مقدمته جميعها. . . فهذه القصص التي أبرزها لا تحتاج إلى مداهنة أو زلفى فهي واضحة المغزى محكمة العقدة بارعة الحل، كل هذا في أسلوب طلي وعبارات مختارة.
وكم سرني أن الأستاذ صلاح قد سلسل حوادث قصصه في صميم مجتمعنا هذا، فجمع بهذا بين الفن الصافي والنقد البارع لما يدور حولنا، وهو بهذا يناقض القوم الذين اعتقدوا أن القصة فن رفيع لا يصح أن يسفل إلى المجتمع متناسين أن كاتب القصة نفسه من المجتمع يسفل إذا سفل ويعلو إذا يعلو. . . أثبت الأستاذ صلاح أن القصة لا تسمو على المجتمع وإنما هي من صميمه وواجبها فيه النقد والإصلاح لا التعالي والاستكبار.
ولكن لي على الأستاذ المؤلف نقيدة أرجو أن يوليها شيئا من التفاته، ذلك أنه كان ينهي القصة دائماً بالفاجعة ولا نستطيع أن نعيب عليه هذا في كثير من قصصه لأن حبكتها كانت تستدعي هذا. . . ولكن لِم لمْ يخلق لنا شخصية خيرة ممن لا يمكن أن ننكر وجودهم في المجتمع؟. . . فلو أوجد الأستاذ هذه الشخصية لاستطاعت أن تتلافى كثيراً من الفواجع ولجعلتنا أيضاً نرنو إلى مستقبل للمجتمع تمحي فيه مساوئه ويرفرف عليه الخير، أما اليوم بعد أن قرأنا هذه القصص فلا يسعنا إلا أن نبتر الأمل في الإصلاح.
ولكن هذا المأخذ لا ينقص من روعة المجموعة شيئاً بل ولا يجوز لي أن أسميه مأخذاً فما هو إلا رأي أسوقه ألتمس له عند المؤلف تحقيقاً
ثروت أباظة
جمعية المؤلفين والملحنين
اجتمع لفيف كبير من المؤلفين والملحنين في الساعة الحادية عشرة صباحاً بنادي السينما بالقاهرة، وبعد أن تلا عليهم الأستاذ فريد غصن بعض أغراض جمعية المؤلفين والملحنين بباريس، رأى المجتمعون أن هذه الأغراض هي نفس الأغراض التي يسعون إلى تحقيقها، فقرروا تأليف هيئة منهم وممن ينضم إليهم في المستقبل للعمل على تحقيق هذه الأغراض بالتعاون مع تلك الجمعية على أن يكون المجتمعون أعضاء مؤسسين.
كما قرروا اختيار الأساتذة: أحمد رامي، وأحمد فؤاد شومان، وبديع خيري، وبيرم التونسي، وفريد غصن، وعبد الرحمن سامي، ومحمد عبد المنعم (أبو بثينة)، ومحمد شوكت التوني، ومصطفى عبد الرحمن، لوضع القانون الأساسي للهيئة واللائحة الداخلية، وتكييف وضعها القانوني في مصر بما يضمن انتفاعها بجهود الجمعية المركزية للمؤلفين والملحنين بباريس، على أن يقدموا تقريرهم في اجتماع تعقده الهيئة في يوم الجمعة 21 ديسمبر 1945.