انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 123/تحطمي تحطمي!

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 123/تحطّمي تحطّمي!

ملاحظات: بتاريخ: 11 - 11 - 1935



للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي

يا ليل للنجم اكتم ... ويا نهار أَظلم

يا أدمعي فيضي ويا ... نار فؤادي اضطرمي

نفسيَ لي قد آلمت ... فقل لها تألمي

كمثل ما حطمتِني ... تحطّمي تحطّمي

مسؤولةً يا نفس أن ... تِ عن حياتي ودمي

ندمتِ مما جئتِه ... ولات حين مندم

بكِ العِدى تهكمت ... وأنتِ للتهكم

من قال إن لاقيت نا ... راً تلتظي فاقتحمي

ألم أقل تريّثي ... فيما عزمتِ تسلمي

مشيتِ بي في مزلق ... صعبٍ فزلّت قدمي

ما أنتِ من دمي بري ... ئةٌ فلا تختصمي

من ذا الذي أغراكِ يا ... نفسي على التقحم

قولي، أجيبي، بيني ... شيئاً، أزيلي تُهَمي

لا تلبثي ساكتة ... تكلّمي تكلّمي

يا نفس هذا وقت إن ... تبكي فلا تبتسمي

يا نفس من نفسِك قب ... ل أن تموتي انتقمي

بالكف يا نفسيَ قد ... صفعتِني في الهرم

للشيب في رأسيَ وال ... قذال لم تحترمي

أصبحتُ من موتي قري ... باً فأقيمي مأتمي

أنت حقيرة بعي ... ن الفيلسوف الفهم

وإن تردّيتِ ثيا ... بَ السيّد المحترم

أخرجتِني من ساحة ال ... نور لساح الظلم

فصرتُ في مشيي على ... وجهي اللطيم أر هل عائدٌ إليّ عه ... دُ عيشيَ المنصرم

ماذا أقول والأسى ... قيدُ لساني وفمي

وإن تكلمتُ فهل ... تردَ حقي كلِمي

الهمُّ في رأسي كأن ... هـ لظى جهنم

وهو إلى قلبي كجي ... شٍ زاحفٍ عرمرم

نحسبه مخيّماً ... وليس بالمُخيّمِ

لا أستطيع الخوضَ بع ... د الشيب في الغطمطم

أخاف أن يبلعني الت ... يّارُ بلعَ النَهِم

أإنني في يقظة ... أم إنني في حُلُم

المرءُ بالأفعال لا ... بالقول والتكلم

لقد رميتُ أسهماً ... فارتدّ نحوي أسهمي

جرحن جلدي ثم لح ... مي وبلغنَ أعظمي

فيا له من حادث ... للروح مني مؤلم

أنتِ به مسؤولةٌ ... ما أنا بالمتّهَم

في الموت كلُ راحتي ... وبالردى مُعتَصَمي

إذا هلكتُ فادفنو ... ني بالمكان الأشأم

قد عششت فيه على ال ... أرماس أمّ قشعم

بغداد جميل صدقي الزهاوي