غدا الدهر مفترا أغر المضاحك
المظهر
(حولت الصفحة من غدا الدهرُ مفترّاً أغرَّ المضاحِكِ)
غدا الدهرُ مفترّاً أغرَّ المضاحِكِ
غدا الدهرُ مفترّاً أغرَّ المضاحِكِ
عن ابن عبيد اللَّهِ تاج الممالِكِ
عن الكوكبِ الدُّريّ في كلّ حِندسٍ
عن اللَّمعةِ البيضاء في كُلّ حالكِ
عن القاسمِ المقسومِ في الناسِ رفدُهُ
إذا لم تطب عن ملكها نفسُ مالك
عن ابن سليمان بن وهب فتى العُلا
على رغم أوغادٍ كُهولِ الحسائك
أغرُّ يُكنَّى بالحسين مُسلّم
له الحُسْنَ والإحسانَ كلُّ مُماحك
وزيرُ ولي العهدِ وابن وزيره
أخو المجدِ ركَّابُ الأمورِ التوامك
تُكشّفُ منه محنةُ المُلكِ شيمةً
مهذبةً والتبرُ عند السبائك
وإن سترتَ وجهَ الحقائِق شبهةً
رمى سِترها بالصائباتِ الهواتك
ويُفزَعُ في الجُلَّى إلى عَزَماتِهِ
فيستلُّ منها كالسيوف البواتِك
يعارِكُ بالتدبير كلَّ شديدةٍ
فيصرعُها لاهُدَّ ركنُ المُعارِك
فتىً عَطِرتْ ذكراهُ وانهلَّ جُودُهُ
تهلَّلَ باكٍ من حيا المُزنِ ضاحك
فعافيه في نَضْح من الغيث صائبٍ
ومُطريه في نضح من المسكِ صائك
ذكا وزكا فالعُرفُ من وبلِ ديمةٍ
سماكيةٍ والعرف من طِيبِ ذانك
ألاحَ بُروق البشرِ تدعُو عُفاتَهُ
فجاءوا فأعفى بالرغابِ الوشائك
فنُفّلتِ الأيدي غِناها بمدحِهِ
ونُفّلتِ الأفواهُ طيب المساوِك
أقولُ لسئّالٍ به مُتجاهلٍ
مَحِلتَ وقد آنت إنابةُ ماحك
توهَّمْ مصابيحَ السماءِ سبائكا
وصُغْ مثله من صفو تلك السبائك
فتىً أسهلتْ خيراتُهُ لعفاتِهِ
فأحزن في تلك المعاني السَّوامك
ومن كثُرتْ في ماله شركاؤهُ
غدا في معاليه قليلَ المُشارك
فتىً لا يُبالي حين يحفظُ مَجده
متى هلكتْ أموالُهُ في الهوالِكِ
له راحةٌ روْحاءُ يسفكُ ماءَها
وليس لماء الوجهِ منه بسافك
مُقبَّلٌ ظهر الكفِّ وهَّابُ بطنِها
مواهبَ ليستْ بالخِساس الركائك
يسوقُ إلى تقبيلها القومَ أنها
غِياثٌ لهم بل عِصمةٌ في المهالك
نرحِّلُ آمالاً إلى بابِ قاسمٍ
فيرجعنَ أموالاً عِراض المبارك
حباني بما يعيا به كُلُّ رافدٍ
وحبرتُ مايعيا به كلُّ حائك
فأعدَمتُه مدحَ الغِثاثِ مدائحاً
وأعدمني رفدَ الأكُفِّ المسائك
ومالربيعٍ ممطرٍ من مُجاوِد
ومالبقيع مُزْهر من مُحاوِك
وهبْتُ له نفسي ووُدي ونُصرتي
ولو صكَّ وجهي حدُّ أبيضَ باتِك
أقولُ لأقوامٍ تعاطوْا علاءَه
فأعْيتْهُم الخضراءُ ذاتُ الحبائك
دعوا آل وهْبٍ للمعالي فإنَّهُمْ
بقايا اللَّيالي الآخذاتِ التوارِك
أناسٌ يسوسُون البلادَ وأهلها
بشدةِ أركان ولين عرائك
سراةٌ إذا ماالناسُ أضحتْ سراتُهم
لنا ضُحكاً أضْحوا لنا كالمضاحك
يودُّ الورى لويشترون شهورهم
بأحوال أعوامٍ سواهُم دكائك
وشاهد زُور للكَفور ابن بلبلٍ
فقلتُ له أطغَيْتَ أطغى البوائك
وقد كنتُ من مُدّاحِهِ غير أنني
تناوكْتُ مضطراً مع المتناوِك
فلم يُجزني إلامواعيدَ أعصفتْ
بهن أعاصيرُ الرياحِ السواهِك
بلى قد جزاني لو شكرتُ جزاءهُ
جزاءَ مَنيكٍ في إسته غير نائك
وليس جزاءً أنْ عفا إذ مَدَحْتُه
وقد كنتُ أهلاً للعِصي الدَّمالك
ولستُ بهجَّاءٍ ولكن شهادةٌ
لديَّ أوَّدِّي حقها غيرَ آفِك
وما أنا للحمِ الخبيثِ بآكلٍ
وإنّ له منّي للَوْكةَ لائكِ
إذا استمسكَتْ كفي بعروة قاسمٍ
فلسْتُ على صرْفِ الزمانِ بهالك
أرانا عِياناً كلَّ عفوٍ ونائل
سمعْنا بمذكورَيْهما في البرامِكِ
تداركَني مِنْ عثرةِ الدهرِ قاسمٌ
بما شئتُ من معروفِهِ المتدارك
فأصبحْتَ في أيكٍ من العيشِ مثمرٍ
وأمسيْتُ في عِيّى من العز شائك
فتىً في نثاهُ شاغلٌ عن سؤالهِ
سبوق العطايا للطَّلوب المُواشك
فليس لأبشارِ الوجوه بمُخْلق
وليس لأستارِ الخفايا بهاتِك
فتىً لاأُسمّيه فتىً لحداثةٍ
ولكن لهاتيك السجايا الفواتك
سجايا أبت إلاانتصافاً لجارِها
من الدهر إما عضَّ رحْلٌ بِحارك
يُواحِكُ عند العذل في بَذْلِ مالهِ
وعندَ ارتيادِ الحقّ غيرُ مُواحك
وسائلةٍ عن قاسمٍ ومكانِهِ
فقُلْتُ لها إن العلاءَ هنالك
كريمٌ تفي أفعالُه بانتسابهِ
وذو نسب في آلِ ساسانَ شابك
أظلُّ إذا شاهدْتُ يومَ نعيمِهِ
كأني في الفردوسِ فوقَ الأرائك
بمرأىً من الدنيا جيملٍ ومَسْمعٍ
لدى ملكٍ بالحق لامُتمالك
مقابلَ وجهٍ منه أبيضَ مشرقٍ
كبدر الدجى بين النجوم الشوابك
يحيّيه أترجُّ تسامى حياله
وشاهَسْفَرمٌّ تحته كالدَّرانك
وفاكهةٍ فيها مشمٌّ ومطعمٌ
تردُّ موداتِ النساءِ الفوارِك
ولو عُدم الريحانُ حَيَّاهُ نشرهُ
بمثلِ سحيقِ المسكِ فوقَ المداوك
بنفسي وأهلي ذاك وجهاً مباركاً
تلقَّى بأوفى الشكرِ نُعمَى المبارك
تحثُّ الحسانُ المُحسّناتُ كؤوسهُ
بِمَدْحٍ له قد سار جمَّ المسالِك
فيهتزُّ للجدوَى على كل مجتدٍ
وكانتْ ملاهي مثلِه كالمناسك
له مَجْلِسٌ ماإن يزال مُصدَّراً
بأحسنَ من بَيْض النعام الترائك
يُغنّينه فيه المحسناتُ لمحسن
لُهاهُ من الأمداحِ غيرِ الأوافكِ
ولم يتغنَّ المحسناتُ لمحسنِ
بمثلِ مديحٍ ذامِلٍ فيه راتكِ
شهدْنا له يوماً أغرَّ محجَّلاً
أقام لنا اللذاتِ فوق السنابك
لأمّ عليّ رَبْرَبٌ فيه آنِسٌ
من العينِ مثلِ العين حُفَّتْ بعانِك
من الوُضَّحِ اللُّعْسِ الشّفاه كأنما
يَفُهْنَ بأفواه الظباءِ الأوارك
يُرفّعْنَ أصواتاً لِداناً وتارةً
يُنَمنمنَ وشْياً غيرَ وشي الحوائك
كفلْنَ لنا لمَّا اصطفَفْنَ حيالنا
بترحيل أضيافِ الهُمزمِ السّوادك
فمابرحتْ تُهدي إلينا عجائبٌ
عجائبَ تُصبي كلَّ صابٍ وناسك
فتاةٌ من الأتراكِ ترمي بأسهُم
يُصِبْنَ الحَشا في السّلمِ لا في المعارك
كأنَّ زميرَ القاصياتِ أعارَها
شجاهُ وسجعَ الباكيات الضواحك
وبستان بستانٌ يُقِرُّ عيونَنا
بما فيه من نُواره المتضاحك
غناءٌ ووجهٌ مونقانِ كلاهما
يهيلانِ جُولَيْ ذي الحِجى المتماسك
ظللنا لها نَصْباً تشكُّ قلُوبنا
بذاك الشجا الفتانِ لا بالنيازك
وماجُلَّناربالمُقَصِّر شأوُها
ولا المتعدِّي قصد أهدى المسالك
لطيفةُ قدّ الثدي تُسند عودَها
إلى ناجمٍ في ساحةِ الصدر فالك
تطامَنَ عن قدّ الطوالِ قوامُها
وأربى على قدّ القصارِ الحواتك
ورقاصةٍ بالطبلِ والصنجِ كاعبٌ
لها غُنْجٌ مِخناثٍ وتَكريهُ فاتك
أُتيحَ لها في جسمِها رفدُ رافدٍ
وإن نالها في خصرها نَهْك ناهك
إذا هي قامَتْ في الشُّفوفِ أضاءها
سناها فسفّتْ عن سبيكةِ سابك
تخطَّى اسمَ عيَّارٍإلى اسمِ مؤاجَرٍ
مُسمٍّ لها ما شئتَ من مُتفاتِك
فدتْ تلكم الأسماءَ بل حاملاتِها
زيانبُ أرضِ اللَّهِ بعد العواتك
وجوهٌ كأيامِ السُّعودِ تشبُّها
لنا طُرَرٌ مثلُ الليالي الحوالك
سبايا إليهن استباءُ عقولِنا
مماليك مُلّكْن اقتدارَ الممالك
نوازلُ بين الانبساطِ إلى الخنا
وبين انقباضِ المُخبتاتِ النواسِك
موالِكُ يسفُكْنَ الدماءَ ولاتَرى
لهُن اكتراثاً بالدموعِ السوافك
إذا هُنَّ أزْمعْنَ الفراقَ فكلُّنا
أسِيٌّ على تلك الشموس الدوالك
أقاسمُ ما تتركْ فلستَ بآخذٍ
أبَيْتَ وما تأخذْ فلستَ بتارك
فلا تتركنّي أيُّها الحرُّ عُرضةً
لدهرٍ غدا للحرّ غير متارك