رأيت الذي قد جاء من أرض بابل
المظهر
(حولت الصفحة من رأيتُ الذي قدْ جاءَ من أرضِ بابلٍ)
رأيتُ الذي قدْ جاءَ من أرضِ بابلٍ
رأيتُ الذي قدْ جاءَ من أرضِ بابلٍ
بعلمٍ صحيحٍ للهوى غيرِ قابلِ
فقلتُ له أهلاً وسهلاً ومَرحباً
فردَّ بتأهيلٍ على كلِّ آهلِ
ألا إنَّ شرَّ الناسِ من كان أعزبا
وإنْ كان بين الناس جمَّ الفضائلِ
وما في عبادِ الله من هو أعزب
فيا جاهلاً لم تخل مني بطائل
تأملْ وجودَ الأصل إذ شاء كوننا
فهلْ كنتَ إلا بينَ قولٍ وقائلِ
فقال لشيءٍ كُن فكان لحينه
عن أمر إله بالطبيعةِ فاعل
فأرضعني حولين جوداً ومنَّةً
تماماً لكي أربى على كلِّ كاملِ
فثنى ولمْ يفردْ فعمَّ وجودنا
بحوليه جوداً كلَّ عالٍ وسافلِ
وفاطمتي ما كانتْ إلا طبيعتي
لآخذَ عنه العلمَ من غيرِ حائلِ
لقدْ فطمتني والهوى حاكمٌ لها
عليَّ بحبٍّ ثابتٍ غيرِ زائلِ
فما ثمَّ إلا عاشقُ عينِ ذاتهِ
عموماً وتخصيصاً لدى كلِّ عاقلِ
فلوْ لمْ يكنْ لي شاهدٌ غيرَ نشأتي
على الصورةِ المثلى كفاني لسائلِ
بها أقبل الأسماء منه تحققاً
ويقبل آسمائي حكومةَ عادلِ
إذا هو ناداني فتى فأجبتُه
به عند فصلِ واصلٍ غيرَ فاصل
لقد قسم الرحمن بيني وبينه
صلاةً على رغمِ الأنوفِ الأوائلِ
فقمتُ بها والعلمُ يشهدُ أنني
بها بين مفضولٍ يقومُ وفاضل
فقال وقلنا والخطوبُ كثيرةٌ
فأسمنني شرَّ الخطوبِ النوازِلِ
وما قسمَ الرحمنُ إلا كلامَهُ
فنحكي وما يتلى بعيرِ المقاتلِ
بذا جاءَ لفظُ العبدِ فيها لأنهُ
غيورٌ فينفي عنهُ جدَّ المماثلِ
كما جاءَ في الشورى وفيهِ تنبهٌ
لكلِّ لبيبٍ في المحاضر واصل
تمنيت منه أن أفوز بقربه
فقالَ تمنَّ حكمهُ غيرَ حاصلِ
ومن يقتربْ منه يجد غيرَ نفسه
وليس أخو علم بأمرٍ كجاهل
ولو علمَ الرآؤون ماذا يرونه
وفيما رأوه لم يفوزوا بنائل
ولكنها الأوهامُ لمْ تخلُ فيهمُ
بأحكامها ما بينَ بادٍ وآفلِ
فيعطيكَ زهداً بالأفولِ ورغبةً
إذا هي تبدو ناجزاً غير آجل
تحفظ فإنَّ الوهم مدَّ شِباكه
وما يبتغي غيرَ النفوسِ الغوافلِ
فلا تطعمنْ في الحبِّ فهوَ خديعةٌ
أراكَ لتمشي في حبالةِ حابِ
لذلك كان الزهد أشرفَ حليةٍ
تحلَّى بها قلبُ الشجاعِ المناضل