انتقل إلى المحتوى

لئن زهت الدنيا بحسن غضارها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لئن زهت الدنيا بحسن غضارها

​لئن زهت الدنيا بحسن غضارها​ المؤلف إبراهيم بن قيس


لئن زهت الدنيا بحسن غضارها
وعزت ملاهى لهوها وازدهارها
فإني عنها في البرية مخدر
لكل غرير آمن من عثارها
على أنني طلقتها وخلعتها
وأصدقتها اللذات بعد اختبارها
وذلك لما رأيت سوى الذي
يراه الورى من صغرها واحتقارها
ألم يكفني ما كان من فعلها بمن
مضى قبلنا من مكرها واغترارها
ولولا زخاريف الشياطين للورى
للاح لهم ما أكننت من عوارها
ولكنما المغرور يصبو إذا بدت
تهرول في أحجالها وسوارها
وقد خضبت بالعطر ثم تدثرت
من عفرة يصبو الفتى لاصفرارها
وكم سلبت من قشعم كان واثقاً
إليها سقته السم تحت دثارها
هي الفخ والصياد باز وحبلها
غضارتها مع حسنها واخضرارها
وما أن أرى في اللوم عنها بمقلة
سعيداً سوى معتوهها أو صغارها
ومثل الذي لم يلتفت لدعائها
مخافة أخراه ودار بوارها
وأظهر فيها للمهيمن نصحه
لفاسقها أو برها وخيارها
ولم يخش في الرحمن لومة لائم
ولا خاف في الأرذال بطش شرارها
ولكنه لم يلتبس بخيانة
ولا حسب كالمؤثرين لدارها
طوى زهرة طابت لطيف غوامض
صفت بيقين منه ضوء نجارها
فيا بن حميد إنني لست جاهلاً
فضائلك اللاتي علت باشتهارها
مقالك عندي العذب مثل عساكر
وإن كبرت فالقول منك كبارها
فزد زد وزد قدماً لنفسك ما به
يقيك ورب الحق مورٍ بوارها
وقل لشراة المسلمين بأنني
صبرت على البلوى خلاف اصطبارها
وإني لم أحسب وذي العرش أنني
أعاين ما عاينته من قرارها
أما علمت أن المقيم بخدره
على فرشه أولى بلبس خمارها
فلو أن ذاك الأرذل الجبس آمناً
معيناً لا وسعنا له في مزارها
ولكن ذا الآلاء بالغ أمره
وكم قد قبلت مهجة من عثارها
ومن بعدها قل للشراة معاذراً
وكيف وعندي موتها كاعتذارها
على أنني ما عشت أطلب عزها
وللدولة الزهراء علو منارها
فتلك فلا تلقى بغير قواضب
يطير لهام القوم حد شفارها
وزرق كأمثال الشهاب تهزها
كماة على خيل ترى في اعتكارها
صهيلاً ونقعاً في الورى وقساطلاً
يصول الفتى الضرغام تحت غبارها
فناد بها صوتاً وصوتاً لعلها
تؤلف عن ارغامها واضطرارها
فإنك لو ناديت بالغيد أقبلت
تسائل ماذا قلت تحت ستارها
وكم سكبت من دمعها أم كهمس
على كهمس دمعاً بدار قرارها
وقالت الهى قد تقربت فأقبلن
إليك بنجلي فارتدى باختيارها
وفاز وفازت بالجنان وخلدها
ولذتها مع لحمها وثمارها
فكيف شراة المسلمين وقد خبت
لبيعة ذي الآلاء يوم ابتدارها
فأما بنو سهل الكرام فإنها
أجابت ندا الأعدا غداة انحدارها
وفرت عدات الحق سفاه كندة
وحمير لما أيقنت باقتهارها
فنالت به ذلاً فإن هي أنكرت
فقد بان إذ عادت بوجه انكسارها
على إنها ترضى الرفيق بمنعها
وتلقى المنا يا السود من دون جارها
وها نحن في حاليهما إن رآى لنا
وللدين حقاً أو لحفظ ذمارها
هي ائتلفتنا والحريم معاً إلى
منازلها قصداً ورحب ديارها
وما فعلت هذاك إلا لعزها
ومنعتها أيضاً وحسن اعتبارها
ولست أراها تحرب الدهر جارهاً
وتشمت أعداها بخلع عذارها
فإن خذلتنا وهي في حال عزها
وضعف أعاديها وحال انتشارها
فلا ذل إلا ذل من حل نحوها
ولا عار إلا مقصر دون عارها
إذا رمتها أرجو انتصاراً لذي العلا
ولم أبلغ المأمول عند اقتدارها
فسكنى الفلا والبيد والنجد والذرى
ووحشتنا خير لنا من جوارها
ولكن في ظني وعندي بأنها
تحوط وتحمى بالقنا عن ذمارها
وتكبت أعداء الإله بثورة
تطول بها في بدوها وقرارها
بحول الهى ماله من معاند
له في برارى أرضه وبحارها
وصلى على المختار ما لاح بارق
وهمهم رعد للحيا وانهمارها