لأسماء دار حيث منقطع الرمل
المظهر
لأسماءَ دارٌ حيثُ منقطع الرَّمل
لأسماءَ دارٌ حيثُ منقطع الرَّمل
سَقاها برجَافِ العَشِيَّةِ منهلِّ
وَجَرَّتْ عليها الذَّيلَ وطفاءُ أبرَقَتْ
وراحت ومن جلجالها زجلُ الفحل
وإنّي لأستسقي لها وابلَ الحيا
وإنْ كان دمعي ما ينوب عن الوبل
عهدتُ الهوى فيها وكانت كانّما
مواقيتها الأولى مواسم للوصل
حلفتُ بأحشاءِ يحرّقها
وكلّ قريحِ الجفن بالدمع مبتلّ
وما رُمِيَتْ من مهجة صادها الهوى
بمحكولةِ العينين من غير ما كحل
لقد فتكتْ بي أعينٌ بابليَّةٌ
فويحك يا قلبي من الأعين النجل
وقد فعل الشوق المبّرح في الحشا
كما تفعل النيران بالحطب الجزل
وإنْ فاض دمعي لا أزال أريقه
فمن كبدٍ تصلى ومن لوعة تصلي
وجور زمان لو أرى فيه منصفاً
لحاكمْتُه فيه إلى حكم عدل
أمثلي يطوف الأرض شرقاً ومغرباً
على أرب يرضى من الكثر بالقلّ
وتقذفني الأسفار في كلّ وجهة
فمن مهمهٍ وعرٍ إلى مهمهٍ سهلٍ
وتحرمني الأيام ما أستحقُّه
فلا كانت الأيام إذ ذاك في حلّ
وأرجع أختارُ الإقامة خاملاً
حليف الجهول الوغد والحاسد النذل
وقد عكفت قومٌ على كلّ جاهلٍ
كما عكفت أقوامُ موسى على العجل
يطاولني من لستُ أرضاه موطئاً
وأُكْرِمُ نعلي أنْ أقيسَ به نعلي
وفاخرني من يحسب الجهل فخره
وناظري من لم يكن شكله شكلي
فتبّاً لدهر تستذلُ قرومه
وتستكبِرُ الأنذال فيه وتستعلي
أقاموا مقامي من جهلت بزعمهم
فما قام في عقدٍ هناك ولا حلِّ
ولو طلبوا مثلي نفسَ حرٍّ أبيِّةٍ
شديدٍ عليها في الدنا موقفُ الذلّ
أواعدها والدهر يأبى بساعةٍ
تَبُلُّ غليلي حين تنزعني غلّي
ويعذلني من ليس يدري ولو درى
لما عجَّ في لومي ولا لجَّ في عذلي
على أنّني ما بين شرّ عصابةٍ
حريصين لا كانوا على الخلق الرذل
لقد أنكروا أشياء أفضلهم بها
وما عرفوا في الدهر شيئاً سوى البخل
وما أشفقوا من وخز دهياءَ طخيةٍ
كما أشفقوا يوم النوال من البذل
مدحتُ شهاب الدين بالعلم والحجى
ومدح شهاب الدينفرضٌ على مثلي
وما يَمَّمَتْ بي ناقةٌ غير بابه
ولا وَقَّرتْ إلاَّ بإحسانه رحلي
هو الشرف الأعلى هو العلم والتقى
تورَّثه عن جدّه سيّد الرسل
متى حاولته اليعملات حثثتها
إلى السيّد المحمود بالقول والفعل
إلى دوحة من هاشم نبويّةٍ
نعم إنّ هذا الفرع من ذلك الأصل
وإلاَّ تُحِطْ علماً بأعلم من بها
فَسَلْ من شجاع القوم عن جوهر النصل
وإنّي إذ أصغي لمعنى حديثه
ثملتُ وتردادي بأمداحه نقلي
كلامك لا ما راع من كلّ باهرٍ
ولفظك لا ما کشتير من كورة النحل
وكتبك أمثال الشموس طوالع
فلا الليل يغشاها إذ الشكّ كالليل
هديتَ بها من كان منها بحيرة
وأوْضَحْتَ في تبيانها غامضَ السبل
وأمْلَيْتَ ما حارَتْ عقولُ الورى به
وأصبحت الأقلام تكتبُ ما تملي
وما تنكر الدنيا بأنَّك عالمٌ
وإنْ كان هذا الدهر أَمْيَلَ للجهل
وإنْ عدَّت الأشياخ بالعلم والحجى
فإنَّك شيخٌ الكلّ مولاي في الكلّ
وأنتَ إمام المسلمين بأسرهم
عليك اعتماد القول بالنقل والعقل
فلا أخذَ إلاّ عنك في الدين كلّه
ألا إنَّ حقَّ الأخذ من قولك الفصل
وإنْ قال قومٌ قد عُزِلْتَ فإنّما
عُزِلتَ ولم تُعزَل عن العلم والفضل
يحطُّ سواك العزلُ عن شرف العلى
ومثلُك لا يَنْحَطُّ ما عاش بالعزل
وهل للمعالي لا أباً لأبيهم
سواك وإنْ يأبَ المعاند من بعل
وهبها لدى أسرٍ لدى غير كفوها
فلو خليتْ جاءتك تمشي على رجل
تحنُّ إلى محياك وهي مشوقة
إليك حنين المستهام إلى الوصل
وكم منصب قد قال يوماً لأهله
إليكَ إذاً عنّي فما أَنْتَ من أهلي
أَغَظْتُ بك الحُسّاد في كلِّ مدحة
أشدَّ علىا لأعداء من موقع النبل
وقُلّتُ ولم أرجع إلى غير مثله
ويا كثرَ ما أخرتُ أشياء من قولي
يغيظ كلامي فيك كلّ مناضلٍ
يرى من كلامي فيك نضنضة الصلّ
وفيك أقولُ الحقّ حتّى لو کنّني
أذوقُ الرّدى فيه مريراً وأستحلي