انتقل إلى المحتوى

ظن الأراك لدى واديه أظعانا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ظنَّ الأراكَ لدى واديهِ أظعانا

​ظنَّ الأراكَ لدى واديهِ أظعانا​ المؤلف ابن حيوس


ظنَّ الأراكَ لدى واديهِ أظعانا
فلمْ يُطقْ لرسيسِ الشَّوقِ كتمانا
فَبَانَ لِلرَّكْبِ شَجْوٌ كانَ يَسْتُرُهُ
عنْ كلِّ مستخبرٍ منْ حبِّ منْ بانا
وَفِي الظَّعائِنِ غِزْلاَنٌ هَوَادِجُها
تَحْوِي بُدُوراً وَأَغْصَاناً وَكُثْبانا
وغادةً عادةٌ منها الصُّدودُ فما
تَنْفَكُّ تُوْسِعُنا مَطْلاً وَلِيَّانا
فَهَبْ نَوَاها اسْتَبَدَّتْ دُونَنا عَبَثاً
بها وإنْ بعدتْ في القربِ هجرانا
فما على طيفها لوْ عادَ يطرقنا
فَطَالَما زَارَ أَحْياناً فَأَحْيانا
إِنْ يُعْقِبِ کلْحَزْنُ حُزْناً بَعْدَ جِيرَتِهِ
فقدْ نعمنا بهمْ دهراً بنعمانا
أَوْ تُصْبِحِ الدَّارُ صِفْراً إِنْ دَنا صَفَرٌ
فقدْ تلاءمَ في شعبانَ شعبانا
وَقَدْ وَقَفْتُ بِأَصْحَابِي بِمَنْزِلَةٍ
يَبِيتُ يَقْظانُها وَهْلاَنَ وَلْهَانا
فِيها جَنى حِينَ حَيَّانا النَّسِيمُ بِما
سُفْناهُ يَوْمَ الْتَقى بِالجِزْعِ حَيَّانا
نبكي وتسعدها كومُ المطيِّ فهلْ
نحنُ المشوقونَ فيها أمْ مطايانا
وَلاَ وَمَنْ بَرَأَ الأَشْياءَ ما وَجَدَتْ
كَوَجْدِنا العِيسُ بَلْ رَقَّتْ لِشَكْوَانا
بِحَيْثُ أُنْشِدُ أَشْعَارِي وَأَنْشُدُهُمْ
لَوْ تَسْمَعُ الدَّارُ إِنْشَاداً وَنِشدَانا
لاَ وجدَ إلاَّ كوجدٍ كنتُ أكتمهُ
خَوْفاً وَلاَ مَجْدَ إِلاَّ مَجْدُ مَوْلاَنا
الحائزُ الفخرَ مولوداً ومكتسباً
وَالْجائِزُ الْحُكْمَ فِيمَنْ شَطَّ أَوْ دَانا
مُصَدَّقٌ كُلُّ ما يُثْنى عَلَيْهِ بِهِ
كأنَّ مدَّاحهُ يتلونَ قرآنا
مَنْ أَظْهَرَ الْعَدْلَ فِي الآفَاقِ فَامْتَنَعَتْ
ظباءُ وجرةَ منْ آسادِ خفَّانا
في دولةٍ جعلَ اللهُ الكريمُ لها
حوادثَ الدَّهرِ أنصاراً وأعوانا
عَزَّتْ فَمَنْ دَانَ لَمْ يُلْمِمْ بِساحَتِهِ
خَطْبٌ وَمَنْ خانَ يَوْماً رَبَّها حانا
يا بْنَ الكِرَامِ الأُلى كانَتْ سُيُوفُهُمْ
قواعداً لمعاليهمْ وأركانا
لكَ الأصولُ الَّتي طابتْ مغارسها
قدماً فجاوزتِ الجوزاءَ أغصانا
فمنْ جدودهمُ الأملاكُ في حلبٍ
ومنْ جدودهمُ أملاكُ بغدانا
الطَّيِّبونَ أحاديثاً وأنديةً
وَمَكْرُماتٍ وَأَفْياءً وَأَفْنانا
رُجُوا قَدِيماً لِما تُرْجى الرِّجالُ لَهُ
أجنَّةً واستحقُّوا الملكَ ولدانا
إِذَا نَبَتْ بِالْوَرى أَوْطانُهمْ فَنَأَوْا
كانتْ لهمْ رتبُ العلياءِ أوطانا
وقبلكمْ والجيادُ الجارياتُ بكمْ
تَشْتَدُّ ما امْتَطَتِ الآسادُ عِقْبانا
وريعَ حيٌّ لقاحٌ لا يروعهمُ
مِنَ الْمُلُوكِ عَظِيمٌ كانَ مَنْ كانا
حتّى مضوا يحسبونَ اللَّيلَ منْ فرقٍ
نَقْعَ الرَّدى وَنَجُومَ اللَّيْلِ خِرْصانا
كَمِ اسْتَقَيْتُمْ نُفُوساً عَزَّ ناصِرُها
منذُ اتَّخذتمْ رماحَ الخطِّ أشطانا
حَتّى بَدَتْ أَنْجُماً فِي الأَرْضِ باقِيَةً
فكمْ رجمتمْ بها مِ الإنسِ شيطانا
قدْ أُعجمتْ طاءُ طعَّانِ العدى فتُرى
لِخَوْفِها قَبْلَ وَشْكِ الرَّوْعِ ظُعَّانا
يا طالما ناجزوكمْ عندَ معتركٍ
حيناً فجرَّ طلابُ الرِّبحِ خسرانا
أَبَيْتُمُ سَلْبَ قَتْلاَهُمْ فَلَوْ دُفِنُوا
لاستصحبوا حلقَ الماذيِّ أكفانا
ملأتمُ الأرضَ إقدماً ومرحمةً
وَفُقْتُمُ أَهْلَها شِيباً وَشُبَّانا
وَأَنْتَ أَرْهَفُهُمْ حَدّاً وَأَسْعَدُهُمْ
جَدّاً وَأَعْظَمُهُمْ فِي سُؤْدُدٍ شانا
أرى رعاياكَ حلَّتْ روضةً أنفاً
يجودُها الأمنُ والإنصافُ تهتانا
آثرتهمْ بالكرى لمَّا ملكتَ ومنْ
أَضَافَ هَمَّكَ بَاتَ اللَّيْلَ يَقْظَانا
هَمٌّ إِذَا ما عَرى أَفْضى إِلى هِمَمٍ
جاورنَ بهرامَ أوْ جاوزنَ كيوانا
بني كلابٍ أطيعوا أمرَ سيِّدكمْ
فَقَدْ أَعَزَّ حِمَاهُ مَنْ لَهُ دَانا
تضحي النَّعامُ أسوداً تحتَ طاعتهِ
وتُمسخُ الأسدُ إنْ عاصتهُ ظلمانا
لاَ تُضْمِروا حَسَداً مَحْصُولُهُ عَطَبٌ
إِنَّ التَّحَاسُدَ أَفنى آلَ ذُبْيانا
وَلِلْتَّنَافُسِ صَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلى
ما يكرهونَ وعادَ الدِّينُ أديانا
لوذوا بأروعَ يُعطي الألفَ مقتضباً
قَبْلَ السُّؤَالِ وَيَلْقَى الأَلْفَ جَذْلاَنا
فَلَوْ تَقَدَّمَ لَمْ تَفْخَرْ بِحَاتِمِها
وَعَمْرِهَا سَالِفاً أَبْنَاءُ قَحْطَانا
ولمْ تؤبِّنْ إيادٌ في محافلها
منْ ماتَ في طاعةِ المعروفِ ظمآنا
أبا المظفَّرِ جاوزتَ المدى وعنا
لَكَ الزَّمَانُ فَمَا يَسْطِيعُ عَصْيَانا
لاَ يَدَّعِ الآنَ مَا أُوْتِيتَ مِنْ شَرَفٍ
منْ لاَ يقيمُ على دعواهُ بُرهانا
فالمجدُ لوْ أنَّهُ شخصٌ يرى ويُرى
إِذاً لَكُنْتَ لَهُ رُوحاً وَجُثْمانا
أتيتهُ منْ طريقٍ قطُّ ما طُرقتْ
أَكانَ عَنْهَا جَمِيعُ النَّاسِ عُميَانا
مناقبٌ لكَ لوْ فازَ الملوكُ بها
لصيَّروها على التِّيجانِ تيجانا
أَهَنْتَ مَا لَوْ أَهَانُوهُ لَمَا حَمَلُوا
عَلَى الْمَفَارِقِ يَاقُوتاً وَعِقْيَانا
مُنَاقِضاً لَهُمُ فِي الأَرْضِ تُبْدِلُها
بالخوفِ أمناً وبالإخرابِ عمرانا
وكلُّ صامتةٍ فيها وناطقةٍ
تدعو لكَ اللهَ إسراراً وإعلانا
أَمَّا أَبُوكَ الَّذِي بَذَّ الْمُلُوكَ إِلى
مَدى الثَّنَاءِ بِمَا أَعْطى ابْنَ سَلْمَانا
أهانَ بالجودِ ما لوْ فضَّ أيسرهُ
على كرامِ بني الدُّنيا لما هانا
لأشكرنَّ هباتٍ منكَ ما كدرتْ
بالمنِّ يوماً وظنّاً فيهِ ما مانا
مَكَارِمُ زَانَهَا الإِكْرَامُ وَاتَّصَلَتْ
أَرى الْجُحُودَ لَهاً ظُلْماً وَعُدْوَانا
أَنْسَانِي اللَّهُ مَا أَعْدَدْتُهُ لِغَدٍ
إنِ اعتمدتُ لما أولاهُ نسيانا
أمنتُ ما خفتُ مذْ يمَّمتُ حضرتهُ
واعتضتُ منْ عدمِ الإيسارِ وجدانا
وللحميَّةِ لا عنْ زلَّةٍ حكمتْ
بِالبُعْدِ فَارَقْتُ أَخْدَاناً وَخُلاَّنا
تُخِيفُنِي بَلَدٌ حَتّى أَعُودَ إِلى
أخرى كأنِّيَ عمرانُ بنُ حطَّانا
وَمُذْ عَقَلْتُ الْمُنى وَکلعِيْسَ فِي حَلَبٍ
حللتُ آمنَ أرضِ اللهِ سكَّانا
لا يطَّبيني مكانٌ بعدَ ظلِّكما
حَتّى يَهُزَّ هُبُوبُ الرِّيحِ ثَهْلاَنَا
حسبي الَّذي جادَ لي تاجُ الملوكِ بهِ
وما أنالَ جلالُ الدَّولةِ الآنا
عرفٌ حويتَ بهِ أجراً موازيةً
فَخُذْ ثَنَاءً يَجُوبُ الأَرْضَ رُجْحَانا
فِي كُلِّ مَعْدُومَةِ الأَشْبَاهِ لَوْ طَرَقَتْ
سمعَ ابنَ جفنةَ لمْ يحفلْ بحسَّانا
أَعْيَتْ زِياداً فَلَمْ يَحْبُ الْجُلاَحَ بِهَا
وَلَمْ يَجْدِهَا بِلالٌ عِنْدَ غَيْلاَنا
لها إذا حسَّنَ الشِّعرَ الغناءُ غنىً
عَنْ أَنْ يَصُوغَ لَها الشَّادُونَ أَلْحانا
ما أُنشدتْ قطُّ إلاَّ ظلَّ منْ طربٍ
مَنْ لاَ تُحَرِّكُهُ الصَّهْبَاءُ نَشْوَانا
بكرٌ إذا ردِّتِ الخطَّابَ خائبةً
جَاءَتْكَ خَاطِبةً يَا فَخْرَ عَدْنَانا
فَهُنِّئَتْ بِكَ أَعْيَادُ الزَّمَانِ فَقَدْ
صَحَا بِظِلِّكَ دَهْرٌ كانَ سَكْرَانا
إِنِّي وَجَدْتُ لِطَرْفِ الْمَجْدِ مِنْكَ عُلىً
سمالها ولطرفِ المدحِ ميدانا
فاسلمْ لباغي عداً تبتزُّ مهجتهُ
قَسراً وَبَاغِي نَدىً تُوْلِيهِ إِحْسَانا