طاف الخيال وعن ذكراك ما طافا
المظهر
(حولت الصفحة من طافَ الخيالُ وعن ذكراك ما طافا)
طافَ الخيالُ وعن ذكراكِ ما طافا
فكان أكرمَ طيفٍ طارقٍ ضافا
طيفٌ عَراني فحياني وأتْحفني
بالنرجس الغضَّ والتفاح إتحافا
عينانِ جاورتا خدَّين ما خُلِقا
إلا شقاءً يراه الغِرُّ إترافا
وكم ألمَّ فأهدتْ لي محاسنُه
من الفواكه والريحان أصنافا
رُمانَ عدنٍ وأعناباً مهدَّلة ً
وأقُحواناً يُسقَّى الراحَ رفَّافا
ويانعاً من جَنى العُنَّاب تُتبعه
قلب المودَّع تذكارا وتأْسافا
أسرى بأنواع ريحانٍ وفاكهة
يأْبينَ قطفاً وإن خيَّلن إقطافا
للَّه ضيفُك من ضيف قَرَى نُزلاً
من الغرور عميدَ القلب مِكلافا
قِرى ً هو البرحُ إعقاباً وإن وجدتْ
منه النفوسُ مذاق العيش إسلافا
أقرَّ عينيَّ في ليلى وصبَّحني
وجداً أفاضهما بالماء شفَّافا
لا خيرَ في قُرَّة ٍ للعين مُعقبة ٍ
دمعاً يخدِّد في الخدين ذرَّافا
أعجِبْ بوجدِ مزورٍ قاد زائرَهُ
بل لم تزل ذِكَرٌ يجلبن أطيافا
هبَّ الضميرُ ونام الطرف فاجتلبتْ
ذكراك والنومُ زَوْراً طالماً جافى
صافيته فحباك النومُ زورتَه
وكان ذلك حقُّ النُّبه لو صافى
وافاكَ والليلُ قد ألقى مراسيه
خيالُ من ليس بالوافي ولو وافى
في شيعة ٍ كالنجوم الزهر معتمة ً
أحدقْن بالبدر أشباهاً وألاّفا
بيضٍ كُسينَ حُلياً لا كِفاء لها
حُسناً فأكْسفنها بالحسن إكسافا
شُبهن بالدرِّ إذ أُلبسن فاخِرهُ
بل كن دُرّاً وكان الدر أصدافا
يا حسنَ ليلٍ وإصباح جمعنهما
والليلُ مُلقٍ على الآفاق أكنافا
غُرٌّ تجلَّلنْ أسدافاً مرجلة ً
على وجوه وِضاءٍ جُبن أسدافا
ومِسْنَ في حُللِ الأفوفِ عاطرة ً
فخلتُهنَّ لَبسن الروض أفوافا
من كل مجدولة ٍ إن أقبلتْ عطفتْ
أعطافُها من قلوبِ الناس أعطافا
وإن تولَّتْ فرَيّا الخَلقِ تُتبعها
أرادفها من قلوبِ الناس أردافا
لو أنَّ لي عند من أحببتُه مِقة ً
لَصدّق الحُلمَ إلثاماً وإرشافا
لكنَّ هيفاءَ تلقى اللَّه صادية ً
إلى الدِّماء التي حُرِّمن مهيافا
تَبّاً لحكم الغواني والمُقرِّبه
فما رأى فيه راءٍ قَطُّ إنصافا
أُسعِفن بالمُلك عفواً فائْتلين معاً
أنْ لا يرى طالبٌ منهم إسعافا
يا سائلي بالغَواني من صبابته
سائلْ بهنَّ فقد صادفتَ وَصَّافا
هنَّ اللواتي إذلاقيتَهن ضُحى ً
لاقيتَ صَداً وإشراقاً وإخطافا
مثل السيوفِ إذا لاقيتَ مُصْلَتها
لاقيتَ حداً وإمهاءً وإرهافا
أرضيْننا حسن قدٍّ زانه بشَرٌ
صافٍ وأسخطتنا مطلاً وإخلافا
بخلن عنَّا بما يسألنَ من وتَح
نزرٍ وأجحفن بالألباب إجحافا
وإنني للَذي غادرنَه عُطُلا
بغير لبٍّ وإن أحسنتُ أوصافا
أَسْقمن قلبي بألوانٍ مصحَّحة ٍ
وأعينٍ أُدِنفتْ بالغنج إدنافا
يا مُكذباً ليَ في دعوايَ شكَّكه
أن فتَّر الدمعُ وبْلا منه وَكَّافا
بواطنُ الحبِّ أدهَى من ظواهره
كما علمتَ وشرُّ الداء ما اجتافا
ما للأحبة ِ قد ضمَّن صَبْوتنا
بعد الإنابة سِكِّيتاً وهتَّافا
طوراً حماماً وطوراً منزلاً خَرِساً
ما لم ترجِّع به الأرواحُ زَفزافا
أو طارقاً في حريم النوم يطرقُنا
أو بارقاً لعزاء القلب خطَّافا
أو حنَّة ً من حنين النِّيبِ ما برحتْ
تَهيج للصبِّ أبراحاً وأشعافا
كلٌّ يُجدُّ لنا شجواً يذكرنا
إلفاً فيمنحُنا الأحزانَ أُلاّفا
لا تعجبنَّ لمرزوقٍ أخي هَوجٍ
حظّاً تخطَّى أصيل الرأي طَرافا
فخالقُ الناس أعراءً بلا وبرٍ
كاسِي البهائم أوباراً وأصوافا
مازلتُ أعرفُ أهلَ العجز في دَعَة ٍ
لا يكلَفون وأهلَ الكَيْس كُلاَّفا
أما ترى هذه الأنعام قد كُفيت
فما تُساومُ بالأخفاف خُفَّافا
يكفي أخا العَجز ما يقضي القديرُ به
من لا ترى منه عند الحكم إجنافا
وكلبِ خصبٍ زهاه الحظ قلتُ له
لا تستوي والأسودَ السودَ غُضَّافا
أطغاكَ جهلٌ بما أعطتْكَ مرحمة ٌ
قدِماً أطالتْ على الحُرَّاص رفرافا
دع من قوافيك ما يكفيكَ إن لها
في مدحِ أحمدَ إعناقاً وإيجافا
فامدح به الشعرَ مدحاً تستفيد به
وفْراً وتكبِتُ حُسَّاداً وشُنَّافا
أضحى أبو جعفر الطائيُّ منتجَعاً
ومستجاراً لمن رجَّى ومن خافا
قَرمٌ إياسٌ وأوسٌ من عشيرته
وحاتمٌ كَرُم السُّلافُ سُلافا
تقدموا وعَلوا قِدماً وشُمّ بهم
رَوْح الحياة ِ فكان القومُ أُنافا
كانوا مراعيَ للأرباع مُمرعة ً
في كلِّ حينٍ وللمرتاعِ أكهافا
سُلاَّفُ صدقٍ فلا زال المليكُ لهم
بمثل أحمدَ في الخُلاَّف خَلاَّفا
أغرُّ أبلجُ ما ينفكُّ مُعتقلاً
للحمد مبتذلاً للمال مِتلافا
مُسَهِّلاً سُبل الجدوى لطالبها
لِعرضه ولدين اللَّه ظَلاَّفا
أزمانُه بنداه الغَمرِ أَشْتية ٌ
وإن غدتْ بجناه الحلو أصيافا
كأنه والعُفاة َ الطائفين به
بنيَّة ُ اللَّه والحجاج طُوافا
أفردْتُه برجائي وانفردتُ به
وظل قومٌ على الأوثان عُكَّافا
يدعون من لا يُجيب الهاتفين به
وإن أمَلُّوه تَدْعاءً وتهتافا
ألفيت من خالص الياقوت جوهرَه
لما وجدتُ صنوف الناس أخزافا
يُضحي إذا خَزِي المَدّاحُ مادُحه
كذائف المسك لا يُخزيه ما ذافا
كم حالبينَ ضُروعَ العيش دِرَّته
يَمرون منهن ضرَّاتٍ وأخلافا
لولا أبو جعفر الطائي ما مُنحوا
إلا قروناً من الدنيا وأظلافا
سَهْلُ الخليقة ِ لم يَشْرك سياسته
عنفٌ وإن كان بالمِلحاح مِعنافا
إذا المصاعيبُ لم تُركَبْ تجلَّلها
قسراً فأعطت مع الإركاب إردافا
ما نعرفُ الوعدَ والإيعادَ من رجلٍ
سواه إلا أمانياً وإرجافا
مُنابذ لأعاديه وثروتِه
فليس يألُوهما ما اسطاع إتلافا
ممن يرى المنعَ إسرافاً وحُقَّ له
أليس ما يُتلف الأعراضَ إسرافا
إذا لوى القومُ يوماً دَين مادِحهِم
أعطى عطاياهُ قبل المدح إسلافا
إلى ذَرَاه أنيخت بعد متعبة ٍ
أنضاءُ رَكبٍ أملُّوا الأرض تطوافا
ثم استُثيرتْ فثارت وهي مُثقلة ٌ
وقد أتته تُباري الريحَ أحفافا
أمسى أبا منزلٍ والجودُ خادِمَه
والأرضُ داراً له والناس أضيافا
أوْلى المضيفين بالدفء الملوذ به
مشتى ً وأجدرهم بالظلِّ مُصطافا
يُرعي العفاة َ رياض العُرفِ مؤتنفاً
بهم ويرعَى رياض الحمد مِئنافا
أضحتْ سياستُه رصْفاً ونائلهُ
نثراً فأنطق نثَّاراً ورصَّافا
سما فحلّق منه أجدلٌ لَحِمٌ
لما أسفَّت بَغاثُ الطير إسفافا
من العِتاق يُجلِّي قَشْعماً دَرِباً
حتى إذا ما استبان انقضَّ غِطرافا
ما زال فاروقَ ما التفت شواكلُهُ
وللجيوش بشرواهنَّ لفَّافا
لم تستمع قطُّ ذكراه ولم تره
إلا تواضعتَ واسوضعتَ إشرافا
ألقى إليه أمين اللَّه حرْبته
فصادفتْ منه لَقْف الكفِّ لقَّافا
مظفَّراً هزَّ عِطفيْها مُظفَّرة ً
إذا تلقَّت صدوراً صرن أكتافا
منصورة ً في يدٍ منصورة ٍ أبداً
من مُحرِبٍ لم يزل في الروع دلاَّفا
يُغشي القناة قناة َ الظهر معتمداً
على القناتين قَصَّاماً وقصَّافا
مصمِّماً غير وقافٍ وآونة ً
تلقاه عند حدود اللّه وقَّافا
ما انفكَّ يقتل مُرَّاقا ويأسِرهم
أمضَى من الحَيْن أرماحاً وأسيافا
حتى غدا الطَرفُ الأقصى به وسطاً
من بعد ما كانت الأوساطُ أطرافا
أجْلى السِّباع وأخلى كلَّ مَسْبعة ٍ
فغادر الأرضَ أحراماً وأخيافا
ثم استهلَّ على الدنيا بنائله
حتى غدتْ فلواتُ الأرض أريافا
لا يوهن اللَّه بطشاً منه تعرفُهُ
مُزلزلاً بأعادي اللَّه خَسَّافا
ولا يَغِضْ ماء كفٍّ منهُ ممطرة ٍ
تُساجل المزنَ تهطالا وتَوْكافا
إذا رمى أحمدُ الطائي طائفة ً
أضحت مَقاتلها للنبل أهدافا
وإن سقى أرضَ أُخرى صَوْب راحته
هزَّتْ جِناناً من النعماء ألفافا
ظهيرُ صِدق إذا آخيَّة ٌ ضعُفت
وزادها ظُهراء السوء إضعافا
على الأواخيِّ إثخاناً وإكثافاً
راخَى خناق بني اللأْواء كلِّهم
وشدَّ آساس ملك كنَّ أجرافا
أخو عطايا إذا ماشاء بدَّلها
ضرباً يخذف بالأوصال خذرافا
وراء بيض أياديه إذا غُمِطتْ
بيضٌ يطيحُ بها بيضاً وأقحافاً
إن سالمَ استنزل الأرزاق واسعة
أو حارب اتَّخذ المقدار سيَّافا
سائل صديقاً عن الطائي هل ذهبتْ
دماءُ قتلاه أو جرحاه أطلافا
ألم ترَ القتلَ أقوى طائعين له
عقوبة ً لم يقارف فيه أحيافا
يداً خؤوناً ورجلاً منه أقسمتا
تَستعملان طَوال الدهر إسكافا
وإن يكن كان أردى مُفلِحاً عَرَضاً
فقد تَصيبُ سهامُ الدهرِ خطرافا
وقد يَميل على من كان مال له
ويُعقِب البؤسَ من غذَّاة سرهافا
أردى كُليباً لجسّاسٍ وكان له
ربّاً وأعدَى على بِسطامَ شِرخافا
واسألْ به فارساً إذ سار تطلبه
سيراً حثيثاً يغول الأرضَ خَشَّافا
في فيلقٍ بات في الظلماء كوكبَها
يَهْدي وأصبح للأبصار طرَّافا
ففوَّز اللُّص حتى قاد من معه
وكلُّ مالٍ إذا ضيَّعتَه سافا
من بعد ما كَلبوا جوعاً فكلُّهُم
أضحى ظليماً بشري الدوِّ نقَّافا
جاروا عن القصد فاستنهاهُمُ حكمٌ
عدلٌ وما جار في حكم ولا حافا
وانحازَ عن بِددٍ منهم وما ادَّكرتْ
خيلُ الأميرِ أواريّا وأعلافا
لكي تطاردَ كي يغترَّ مارقة ً
أخرى إذا ما دهاها كرَّ عطافا
وللهنَاتِ لِقاحٌ ليس يعرفه
عَيرٌ وإن كان للأبوال كرافا
تحت الأمورِ أمورٌ لو تبيَّنها
عَيرُ الفلاة ِلأضحى العير خضَّافا
ما كان دهرُ قصيرْ جدْعَ مَعْطسه
لمَّا أطفَّ له موساه إطفافا
لكن أراد به أمراً فأدركه
ولم يُردِّد على مافات إلهافا
فلينتظر فارسٌ أورادَ عائدة ٍ
لا يستطيع لها الزوَّادُ كفْكافا
وأين يهربُ من خيلٍ تَخالُ بها
عقبانَ مُبردَة يطلبن إلجافا
دوَّخن شيبان أمّاً في رؤوسهمُ
تُدوي الطبيبَ إذا أغشاه مجرافا
وقلن ذوقوا جَنَاكم إن جانَيكُمْ
ما زال للحنظلِ الخُطبان نقافا
كم جاهلٍ كان بالطائي جرَّبه
صِلاًّ إذا طلب الأعداء زحَّافا
يحرِّم الغسلَ إيلاءً ويُطلقه
بِرّاً فيوخفه بالثأر إيخافا
ووقعة ٍ منه في الأعرابِ قد جعلتْ
أوطانَهم إسوة َ الأحقاف أحقافا
تحالفوا مذ تحدَّاهم فخلتُهُم
على الهزائم لا الإقدامِ أحلافا
ظلوا قتيلاً ومصفوداً وذا هربٍ
تقضي بإدراكه الطير التي اعتافا
أسيرُ قتلٍ وإن أضحى طليق يدٍ
قد أزهقت نفسه الآجالُ إزهافا
ومن سرتْ نقمُ الطائي تطلبه
ألفى الذي وعدته الفوتَ مخلافا
يا هارباً منه إن الليلَ غاشية ٌ
لا بدّ منها وإن أوشكت إحصافا
كيف النَّجاء لناجٍ من أخي طلبٍ
مثل الظلام إذا ما عمَّ أغدافا
كأنما كلّ نفسٍ حين يطلبُها
قد أُعلقت سبباً منه وخُطَّافا
فاطلبْ رضاه وأيقن أن سخْطته
لا حِرز منها إذا طوفانُها طافا
تلقَ ابن حُرَّين لا تلقاه مُجترِماً
فَظّاً على مستميح العفو حَلافا
بل سيداً قُرنت بالحلمِ حفظتُه
فلم تفز قطُّ إلا كان مِيقافا
يَهمُّ بالطَّول همَّامٌ به عجلاً
وإن أراد عِقابا كفَّ كفافا
يسوسُ نفساً على الأغياظ صابرة ً
ه ما زال يُؤلفها الكروه إيلافا
مغفلٌ حين يُستعفَى وتحسبه
عند انتقاد وجوه الناس صرّافا
تلقاه للعيب ستاراً وإن دمستْ
ظلماءُ لاقيْتَه للغيب كشافاً
إذا ارتأى تَبِعتْ آثارُه سَدداً
لا كالذي يتبعُ الآثار مُقْتافا
ما إن يزال له رأيٌ يُصيب به
لو أنه حيوانٌ كان عرَّافا
تخاله باتقاءِ الذنب مُتَّقياً
في يوم هيجاءَ مِرداة ٍ وقذَّافا
يخشى الملام ويغشى الحرب مرتدياً
فيها رداءً من الكتاب هفهافا
لم يُلفه الغمز خوَّاراً وتعطفه
بالرِّفق منك فتلقى منه عطَّافا
يلين للريح إن هزَّته ليِّنة ً
ولا يلين إذا هزَّته مِعصافا
لا يترك الحقَّ مغبوناً لسائمه
خسْفاً ولا يتعدى الحقَّ حيَّافا
كم قد أعد لقومٍ حسن مقدرة ٍ
وكم يُعدُّون أكفافاً وأجدافا
قَراهُمُ الصفح إذ حلُّوا بَعقوتِه
وأتبع الصفحَ إكراماً وإلطافاً
لم يَعْدُ أن أرعف الأقلام يرفدُهم
ولو عتوا رعفَ الخِرصان إرعافا
جاءوا يخافون ناراً لا خمودَ لها
فأُزلفتْ لهمُ الجناتُ إزلافا
لكن تَطاردَ كي يغترَّ مارقة ً
أخرى إذا ما دهاها كرَّ عطَّافا
ورائدٍ قال ألفينا خلائقه
كالشَّهد طعماً ومثل المسك مُستافا
خلائقٌ علمتْنا كيف نمدحه
ورقَّقتنا وكنا قبلُ أجلافا
كم قد بدأْنا وعاودْنا فأوسعَنا
بذْلاً ولم نستطع للبحر إنزافا
بحرٌ من العُرف لا تلقى الظِّماء به
محلَّئين ولا الورَّاد عُيَّافا
تمت معانيه منه في امرىء ٍ نَصفٍ
زوالٍ أطال على الأحوال توقافا
قد سنَّ شفرتيه البأسُ بُغيته
وشاف من صحْفتيه الجودُ ما شافا
كذا الأهلة ُ تستوفي محاسنَها
إذا نضت ما شهور الحول أنصافا
ممن يرى كلَّ ما يفنى بمنزلة ٍ
سيان ما التذَّ منها والذي عافا
لا بالمروع إذا أهوالُها عَظمَتْ
ولا المروق إذا زيَّافُها زافا
تبلو به محنة ُ الدنيا وفِتنتُها
طوْداً كهمِّك إرساءً وإشرافا
لا يُستخَفُّ لدى ريح تهبُّ له
ولا عليه ولا تلقاه رجَّافا
يجُنُّ قلباً وقوراً في جوانحه
مستنفراً عند ذكر الله وجَّافا
لا عيب فيه سوى عتقٍ يَردُّ به
عتق الجواد إذا جاراه إقرافا
كم رام ذو الجدِّ والأجداد غايتَهُ
فقام ذو الجدِّ والأجداد زحافا
يا ذا العلاء الذي أرسى قواعِدَه
على الحضيض وجاز النجمَ أعرافا
أما وقدرِك إن اللَّه عظَّمه
لقد غدا فوقَ ما خُوِّلت أضعافا
وما رمتك يدٌ بالحظ خاطئة ٌ
كلا لعمري وما أعطتك إسرافا
وما أرى الناس أمراً أنت صاحبُهُ
ظهراً تبدَّل بالإسراج إيكافا
فاسلم على الدهر في نعماءَ سابغة ٍ
حتى يُمسِّيَك العصران إدلافا
من كان أصبح ظَلاَّما لسُوقَته
من الملوك فقد أصبحتَ مِنصافا
لا تترك الدهر مغروراً بغرته
ولا تُرَى للصحيح الجِلدِ قرَّافا
ما كابد الأسرَ عانٍ في يدي زمن
إلا رجا بك فاءً واصلتْ كافا
ولا وأى عنك حسنُ الظن مَوعدَهُ
إلا غدت وهي حَاء واصلت قافا
وعائب لك بالإسراف قلت له
لا زلتَ عن حَسن الأفعال صدَّافا
أصبحتَ في رفضك الإسراف محتقباً
أجر امرىء ٍ آفَ منه النجل ما آفا
عُوِّضت من وزر مجدٍ أجر منقصة ٍ
بلوى من الله فاترك ذكر من عافى
ماذا تعيبُ لحاك الله من ملكٍ
لم يرض قط من المعروف سَفْسافا
أنال حتى أعفَّ المُلحفين معاً
بنائل سدَّ أفواهاً وأجوافا
إن كان أثبتَ بالإسراف سيئة ً
فقد محاها بأن لم يُبق إلحافا
أهلاً بمعصية ٍ باءتْ بمعصية ٍ
وعمَّت الناس إغناءً وإعفافاً
وهائبٍ لك لم يسألك قلتُ له
دع عنك عجزك لا يعقبك تلهافا
سَلِ الأمير ولا تحرمك هيبتُه
فقد غدا لجبالِ المالِ نسَّافا
سلْه وإن عزَّ واستعلتْ مراتبه
وكان حداً على الأعداء جلاَّفا
لا يُؤيسنَّك غَدقٌ من جُرامته
وإن سما واستحدَّ الشوك والتافا
فليس تمنعُ مما فيه مَنْعتُهُ
إلا إذا خرَّق الخَرافُ خرّافا
إليك رادفتُ عزمي فوق ناجية ٍ
كالريح تعصفُ بالرُّكبان إعصافا
أرسى عليك قُتود الرحل أن خُلقت
أخفَّ ما دبَّ فوق الأرض إخفافا
تُقلِّب الليل عيناً غير نائمة ٍ
ومُنْسماً بحصى المِعزاء خذَّافا
سفينة ٌ من سَفين البرِّ محكمة ٌ
تجري إذا ما اتخذْتَ السوط مجدافا
جاءت بعسَّافِ أهوالٍ على ثقة ٍ
أن سوفَ تلقاكَ للأموال عسَّافا
أهدى إليك هديّاً من كرائمه
يُحفُّها حَشَدُ الآمال زفافا
حسناء معجبة ً للناس مطربة ً
لا تستعين على الإطراب عزَّافا
من سيدات القوافي ما يزالُ لها
راوٍ تظلُّ به السادات حُفَّافا
مَليٌّ من الحمد والتحميد حاملة ً
ألطافَ حُرٍّ يُرجِّي منك ألطافا
أهدى غرائبَ يرجو أن تحوز له
غرْبا يروِّيه من جدواك غرّافا
من العفاف وطول الظَّلف إقشافا
فحاكها والذي يبغي كفايته
وإن شتا غيره في الريف أوصافا
حوكَ امريء لم يكن من قبل مكتسباً
بالشعر سألة ً للناس مِلحافا
كخصف آدمَ من أوراق جَنَّته
ولم يكن قبل ذاك الخصف خصَّافا
كساك من زينة الدنيا لتكسُوه
من سِترها فاكسِه ياخير من كافا