كان البناء ضعيفاً ، ولا يلبث أن يظهر ضعفه وينهار ، ويكفى فى عظمة الأستاذ طه حسين أن شهدت وزيرة إنجليزية زارت مصر في هذه الأيام بأنه أعظم وزير معارف رأته .
ولا شك أنه بمقدار ما وصل إليه الأستاذ طه حسين الآن يعظم دين الأزهر عليه ، ولا يصح له أن ينسى هذا الدين ، ولا أن يترك الوفاء به فيما وصل إليه من القدرة على أدائه، ولا سيما إذا كان ما يريده الأزهر في الوفاء بهذا الدين نتيجة لما قام به الأستاذ طه حسين من نشر التعليم الابتدائى والثانوي بغير أجر .
فقد كانت ميزة الأزهر والمعاهد الدينية على المدارس المدنية أنه يعلم الطلاب بغير أجر ، ويساعدهم بما يعطيه لهم من الأوقاف التي حبسها عليهم أمراؤنا وأغنياؤنا السالفون، فلما قام الأستاذ طه حسين بما قام به جعل المدارس المدنية أكثر امتيازاً فى هذا من الأزهر والمعاهد الدينية ، فقل الإقبال عليها في هذه السنة ، ونحن لانزال في أول هذه المرحلة ، ولا يعلم إلا الله ما يكون عليه حال الأزهر والمعاهد الدينية إذا وصلنا إلى نهايتها فعلى الأستاذ طه حسين أن يداوى ما ترتب على عمله في معهده الأول ، بأن يحمل الوزارة التي يشترك فيها على أن تسوى بين أبنائه وأبناء المدارس المدنية في كل شيء ، حتى لا يشعر أبناؤه بنقص مادي أو أدبى عن غيرهم ، ولا يرى واحد منهم أنه ينظر إليه على أنه أقل منزلة من غيره .
وعلينا معشر الأزهريين أن نراعى هذه الظروف الجديدة في حياتنا فتفتح أبوابنا أيضاً على مصراعيها لأبناء المدارس الأولية ، ونكتفى منهم بالقدر الذي يحفظونه من القرآن وإن كان قليلا ، على أن نقوم بتحفيظهم ما بقى منه فى معاهدنا ، ولا يصح أن نكلف الحكومة بإنشاء مدارس تحضيرية لمعاهدنا ، لأنها قد تحتج بأن مصلحة البلاد في توحيد التعليم في هذه المرحلة ، فلنكن ميسرين لا معسرين ، ليستقيم الأمر بيننا وبين الحكومة، ويستقر نظام التعليم في بلادنا