صفحة بيضاء جديدة في تاريخ الأزهر
تولى الأستاذ طه حسين وزارة المعارف المصرية في الوزارة الشعبية الحاضرة ، فكان أول وزير أزهرى تولى هذه الوزارة ، وأول وزير نجح في إدارتها أعظم نجاح ، فقد أراد قبيل السنة الدراسية الحاضرة أن يفتح أبواب التعليم الابتدائي والثانوى لكل من يريده من الطبقتين المتوسطة والفقيرة ، من غير أن يأخذ من أبنائهما أجراً عليه ، فتطلعت إليه العيون كيف يمكنه تنفيذ هذا العمل العظيم في ذلك الوقت القصير ، وهو يحتاج إلى ما يحتاج إليه من المبانى ، ويحتاج إلى ما يحتاج إليه من المدرسين ، ولكنه أمكنه بالعزم الأزهرى أن يصل إلى كل ما أراده ، فأنشئت له كل المباني ، وتيسر له الحصول على المدرسين ، ودخل أبناء الشعب المدارس الابتدائية والثانوية في سهولة ويسر، بعد أن كانوا في كل سنة يلاقون من الصعوبة ما يلاقون في دخول هذه المدارس ، لأن القائمين على وزارة المعارف لم يكن عندهم رغبة فى نشر التعليم بين أبناء الشعب ، ولا في تيسيره لكل من يريده من أبنائه ، مع أنه يوجد من العوامل الداخلية والخارجية ما ينادى بالتسوية بين أبناء الشعب فى التعليم ، ليشعروا جميعاً بأنهم سواء فيه ، وليجد الفقير باب النهوض مفتوحاً أمامه كما يجده الغنى ، فلا يعتريه يأس ولا قنوط ، ولا يقوم بنفسه حقد أو كراهية لدولته ، فيخلص لها كل الإخلاص ولا يسمع لمن يريد أن يفسده عليها ، ويحمله على التماس العدل من غيرها .
وهذه صفحة بيضاء جديدة في تاريخ الأزهر ، لأن الأستاذ طه حسين إنما اكتسب هذه القوة من جمعه بين الثقافة القديمة والحديثة ، فإن جمعه بين الثقافتين جعله لا يشعر بنقص فى نفسه، كما يشعر غيره ممن يقتصر على الثقافة القديمة وحدها ، أو يقتصر على الثقافة الحديثة وحدها، وقد اكتسب الأستاذ طه حسين ثقافته القديمة من الأزهر، وعلى أساسها قامت ثقافته الحديثة ، والفضل كل الفضل في البناء لأساسه، لأنه إذا لم يكن قوياً متيناً