يجادل كثير من أعداء الإصلاح فى حاجة الأزهر إلى العلوم الرياضية، والمراد بها ما يشمل العلوم الطبيعية ، ويزعم أنها علوم كمالية لاضرورية ، وهؤلاء الناس لا يزالون يظنون أن وظيفة الأزهر أن يخرج علماء يعلمون الناس فرائض الوضوء والصلاة ونحوهما ، وأن البيع حلال والربا حرام، وأن الله تعالى عشرين صفة، وما إلى هذا من الأحكام الدينية ، ولو صح أن هذه وظيفة الأزهر لم يكن فى حاجة إلى دراسة العلوم الرياضية ، بل لم يكن في حاجة إلى دراسة كثير من العلوم الدينية والعربية ، لأنه يكفى لهذه الوظيفة دراسة الفقه والنحو والحديث بالقدر اللازم لعامة الناس ، ولعالم يقوم بوعظهم رارشادهم ، وإن كان يجهل ما لا يصح جهله في عصرنا ، مثل أن الشمس مركز العالم لا الأرض ، وأن العناصر الأربعة – التراب والماء والنار والهواء - مركبة لا بسيطة ، إلى غير هذا من مسائل العلوم الرياضية التي لا يصح جهلها فى عصرنا ، ولكنا إذا قصرنا وظيفة الأزهر على مثل ذلك نزلنا به عما له من المنزلة العالية فى العالم الاسلامي ، لأنه أكبر جامعة إسلامية توجد الآن فى عصرنا ، فلا يصح أن نجعل منه جامعة شعبية، لا تكون غايتها إلا تخريج وعاظ العامة الناس
والحقيقة أن وظيفة الأزهر هى حماية العقيدة الاسلامية، وهذا يتطلب منها دراسة العلوم الفلسفية من الرياضيات وغيرها ، لأن أقوى معارضة يلقاها الدين تأتى من ناحية العلوم الفلسفية ، فيجب أن ندرس هذه العلوم لتعرف هذه المعارضة التى تأتى من ناحيتها ، ويتسع بها أفق ثقافتنا ، فتكون ثقافة واسعة قوية يمكنها النهوض بحماية العقيدة الاسلامية، والدفاع عنها بالوسائل الحديثة التي تستخدم فى معارضتها ، وقد فعل هذا سلفنا الصالح