١ - بين الشيخ العدوى والسلطان عبد العزيز :
سأقوم بنشر هذه الصفحات البيضاء فى تاريخ الأزهر ، الأرد بها على أولئك الذين يعملون على تشويه ماضيه ، ولا ذكر أهله بذلك الماضى ليعتزوا به . ويعودوا إلى ما كان عليه سلفهم بعد أن انحرفوا عن سنهم ، فأعطوا من يريد تشويه ماضى الأزهر سلاحاً من انحرافهم يستعين به في ذلك التشويه .
وهذه صفحة من تلك الصفحات البيضاء في تاريخ الأزهر ، فيها لأهله عظة بالغة ، وعبرة نافعة، وقدوة حسنة ، لأنها تدل على خلق متين ، ومحافظة على شرف العلم ، واهتمام برسالة الدين، فى زمن طغى فيه حكم الاستبداد ، وخضع فيه العلماء للسلاطين ، فضعفت أخلاقهم ، وتهاونوا في المحافظة على شرف العلم ، وقصروا في تأدية رسالة الدين .
في سنة ۱۲۸۰ هــ ١٨٦٣م ، أراد السلطان عبدالعزيز أن يزور الديار المصرية ، وكان هذا في عهد إسماعيل باشا خديو مصر ، فلما وصل إلى القاهرة اختار إسماعيل باشا أربعة من علماء الأزهر ، ليذهبوا إلى تهنئته نيابة عن إخوانهم ، وهم السيد مصطفى العروسى شيخ الجامع الأزهر ، والشيخ الشقاء والشيخ عليش، والشيخ حسن العدوى ، وكان المقابلة سلاطين آل عثمان آداب لا يعرفها علماء الأزهر ، فطلب إسماعيل باشا من قاضي قضاة مصر وكان يختار من علماء دولة آل عثمان - أن يعلمهم آداب المثول بين يدى السلطان ، فذكر لهم أن المقابلة ستكون في حجرة يقف السلطان في صدرها على منصة مرتفعة ، وأنه يجب إذا ما وصلوا إلى باب الحجرة ووقعت أعينهم على السلطان أن ينحنوا انحناء عظيمها ، ثم يلقوا عليه السلام ، ثم يكرروا الانحناء