ولكنهُ لم يعش بعد ذلك إلا وقتًا قصيراً ولم يرَ شيئاً من ثمار أتعابهِ العظيمة راسخة في حجارة ذلك المدفن الذي هو أعظم مدفن أقيم لرجل من رجال الإنشاءِ.
ومن المشهورين بين أرباب جون جبسن. كان أبوهُ بستانيًّا فرأى ميلهُ إلى التصوير والنقش من الخشب مما كان ينقشهُ بسكين صغيرة فأرسلهُ إلى لڤربول ووضعهُ صانعاً عند نقاش خشب فأتقن هذه الصناعة في وقت قصير وأُدْهِش الجميع بجمال منقوشاتهِ ثم انتقل من نقش الخشب إلى نحت التماثيل في الحجارة. ولما كان ابن ثماني عشرة سنة صنع تمثالًا للوقت بديع المنظر فأخذهُ أولاد فرنسيس النحاتون بعد أنْ أطلقوهُ من عند معلمهِ الأوَّل ووضعوهُ عندهم ست سنوات أظهر فيها الغرائب. ثم انتقل إلى لندن ومن ثَمَّ إلى رومية وحينئذٍ انتشر صيتهُ في كل أقطار أوربا.
ونويل باتون المصور الشهير ابتدأ في صناعتهِ يرسم رسوماً لتطريز أغطية الموائد وكان يرسم الصور البشرية أيضاً ولم يشتهر أمرهُ حتى عينت جوائز لصور البرلمنت فصور صورة روح الديانة ونال جائزة من الجوائز الأولى واشتُهر بها شهرة فائقة ثم عرض صورة مصالحة أوبرون وتيتانيا وصورة الوطن وغيرهما مما بان منه أنهُ كان يتقدم في إتقان هذه الصناعة تقدماً مستمرًّا.
ومنهم جمس شاربلس الحداد وُلِد هذا الرجل سنة ١٨٢٥ وإخوتهُ وأخواتهُ اثنا عشر وهو الثالث عشر وكان أبوهُ يعمل في سبك الحديد ولم يُعلَّم أحداً من أولادهِ في مدرسة بل كان يرسلهم إلى معمل حالما يصيرون قادرين على العمل. ولذلك صار جمس هذا عاملًا في مسبك قبلما بلغ العاشرة ولما بلغ الثانية عشرة دخل معمل الآلات وكان عملهُ فيهِ إحماء المسامير وتقديمها لصانع الخلاقين. وقد حاول أبوهُ في غضون ذلك أنْ يعلمهُ القراءة مع أنه كان يقيم في المعمل من