رأيت فلم أر فيما رأيت
المظهر
(حولت الصفحة من رأيتُ فلم أرَ فيما رأيتُ)
رأيتُ فلم أرَ فيما رأيتُ
رأيتُ فلم أرَ فيما رأيتُ
مُصاباً كيومِ ردَى الأوحدِ
و عودني الرزءَ مرُّ الزمانِ
و مثلُ الذي حلّ لم أعتدِ
وفارقني بَغْتة ً مثلما
يفارق مقبض سيفي يدي
على حينَ دانَتْ له الآبِياتُ
وقادَ القُرومَ ولم يُقتَدِ
و قد كنتُ أحسب أنّ الحمامَ
بعيدٌ عليه فلم يبعدِ
و ما كان إلاّ كقولِ العجولِ
لمن قام وسطَ الندى أقعدِ
وساعدني في بكائي عليـ
كلُّ بعيد الأسى أصيدِ
تلين القلوبُ وفي صدره
أصمُّ الجوانبِ كالجلمدِ
و كم ذا رأينا عيوناً بكينَ
عند الرزايا بلا مسعدِ
وأعيَتْ محاسُنه أنْ تُنالَ
فإنْ حَسدَ القومُ لم يَحْسُدِ
وكم قعدَ القومُ بعدَ القيامِ
ومذْ قامَ بالفضلِ لم يُقعدِ
وماتَ وغادَرَه جُودُه
خليَّ اليدين من العسجدِ
و لم يدخرْ غيرَ عزَّ الرجال
وعزٍّ يبينُ معَ الفرقَدِ
وغيرَ ضِرابٍ يقطُّ الرؤوسَ
إذا خَمَدَ الجمرُ لم يَخمُدِ
و طعنٍ يمزق أهبَ النحورِ
كمَعْمَعَة ِ النّارِ بالفَرْقَدِ
وكم قد شهدناه يومَ الوغى
و بيضُ النصولِ بلا أغمدِ
يَشُلُّ الكُماة َ بصدرِ القناة ِ
شلكَ للنعمِ الشردِ
وتهديهِ في الظُّلماتِ السُّيوفُ
و كم ضلَّ في الروعِ من مهتدِ
فتى ً في المشيبِ وما كلُّ منْ
حَوى الفضلَ في الشَّعَرِ الأسودِ
فيا لوعتي فيهِ لا تَقْصُري
ويا دمعتي فيهِ لا تجمُدي
و يا سلوتي فيه لا تقربي
وإن كنتِ دانية ً فابعدي
و يا لائمي في ثناءٍ له
هجدتَ وعينيَ لم تهجدِ
فلم أرثهِ وحده بلْ رثيتُ
معالم عرينَ من سؤددِ
وما جادَ جَفني وقد كان لا
يجودك إلاَّ على الأجودِ
و وافقني بالوفاقِ الصريحِ
موافقة َ النومِ للسهدِ
وإنَّ التناسُبَ بينَ الرِّجالِ
بالودَّ خيرٌ من المحتدِ
و خلفني بانتحابٍ عليهِ
يقضُّ على أضلعي مرقدي
فإنْ عاد مضجعيَ العائدون
خفيتُ نحولاً على العودِ
فقُلْ للقَنابِلِ: لا تَركبي
وقُلْ للكتائبِ: لا تحشُدي
و قلْ للصلاة ِ بنار الحروبِ
قد ذهبَ الموت بالمُوقِدِ
و قلْ للصوارمِ مسلولة ً
فُجِعْتُنَّ بالصّارمِ المُغمَدِ
و قلْ للجيادِ يلكنَ الشكيمَ
بلا مُسرِجٍ وبلا مُلبِدِ:
أَقِمْنَ فما بعدَهُ للخيولِ
مقاديرُ حتى مع القودِ
و قلْ لأنابيبِ سمرِ الرماحِ
ثَوِيْنَ حِياماً بلا مَوْرِدِ
فلا تَطلعَنْ فوقكُنَّ النُّجومُ
فذاك طلوعٌ بلا أسعدِ
وكيفَ يرِدْنَ نَجيعَ الكُماة ِ
بغيرِ شديدِ القوى أيدِ؟
أرى ذا أسى ً فبمنْ أقتدي؟
و كيف السوُّ وعندي الغرامُ
يبرِّحُ بالرَّجُلِ الأجلَدِ؟
ولي أَسفٌ بافتقادٍ له
نَفَدْتُ حنيناً ولم يَنْفَدِ
فيا غافلاً عن طروقِ الحمامِ
رقدتَ اغتراراً ولم يرقُدِ
و يا كادحاً جامعاً للألوفِ
وغيرُك يأخذها من غدِ
و هل للفتى عن جميع الغنى
سوى بلَّ أنملة ٍ من يدِ
فبنْ مثلما بان ظلُّ الغمامِ
عن طالبي سَحِّهِ الرُّوَّدِ
وبِتْ كارهاً في بُطونِ التُّراب
وكم سكنَ التُّربَ من سَيِّدِ
و لا زال قبرك بين القبور
يُنضَحُ بالسَّبِلِ المُزْبدِ
ويَنْدى وإِنْ جاورَتْهُ القبورُ
و فيهنَّ بالقاعِ غيرُ الندى
و حياك ربك عند اللقاءِ
بعفوٍ ومغفرة ٍ سرمدِ
و خصك يومَ مفرَّ العبادِ
بالعَطَنِ الأفسحِ الأرغدِ